غضبة في الأفق: صيف قائظ في مدن الشمال قد يذيب الكثير من “رؤوس الجليد”

المساء اليوم – أ. فلاح:

لن يكون هذا الصيف في الشمال قائظا فقط بسبب الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، بل إن حرارته ستكون استثنائية وسيعاني منها على الخصوص مسؤولو ومنتخبو طنجة وتطوان والحسيمة على وجه الخصوص، بسبب اختلالات في إنجاز وتفعيل عدد من المشاريع الاقتصادية والاجتماعية الهامة.

وتسببت الزيارة الملكية الأخيرة لمدن تطوان وطنجة، في إرباك كبير لمسؤولي ومنتخبي المدينتين، فيما يحتمل أن يقوم الملك محمد السادس بزيارة إلى مدينة الحسيمة، والتي كانت قبل سنوات سببا في إعفاء مسؤولين كبار، بينهم وزراء، من مهامهم بسبب تأخر إنجاز مشاريع ملكية.

وفي تطوان يعاني مسؤولو ومنتخبو المدينة هذه الأيام من “رعدة خاصة”، بسبب تأخر أو فشل عدد من المشاريع الاقتصادية، خصوصا في عمالة المضيق – الفنيدق.

وقبل بضعة أيام طلب رئيس قسم الاقتصاد بهذه العمالة إعفاءه من منصبه، بسبب ما يقال إنه توبيخ متعلق بفشل المنطقة الصناعية التي تم بناؤها بالمنطقة، على مقربة من سبتة، والتي تعاني حاليا من تدهور كبير في أنشطتها.

ومنذ إقفال باب سبتة ونهاية الطرق العشوائية والمهينة التي كان يتم بها إخراج السلع من المدينة، فإن البديل المتمثل في إنشاء منطقة اقتصادية حرة “أوف شور” على مقربة من سبتة لم تؤت أكلها إلى حد الآن.

كما أن هذه المنطقة تم إنشاؤها وفق رؤية ملكية تهدف إلى استيعاب وإنقاذ الطبقات الاجتماعية الهشة التي كانت تقتات على التهريب المعاشي، غير أنه لوحظ أن الكثير من “الحيتان السمينة” كانت المستفيد الأساسي منها.

وتقول مصادر مطلعة إن المنطقة الاقتصادية تشتغل بربع طاقتها حاليا، وهناك أنشطة اقتصادية وتجارية متوقفة، كما أن 5 في المائة فقط من مخازن السلع تشتغل حاليا.

وتم تدشين المنطقة الحرة قبل 10 سنوات من طرف الملك محمد السادس، وكان من المتوقع أن تشغل أزيد من 10 آلاف عامل، لامتصاص الأيدي العاملة التي ستتضرر من إقفال باب سبتة، غير أن هذه المنطقة لا تشغل حاليا أكثر من 200 شخص.

كما أن معمل القشريات في المنطقة الصناعية بباب سبتة يعاني بدوره من الشلل، وهو الذي كان يعول عليه من أجل تشغيل عدد كبير من الأيدي العاملة بالمنطقة، خصوصا من بين النساء اللواتي كن يمارسن التهريب المعاشي عبر باب سبتة.

ويبدو أن عامل عمالة المضيق – الفنيدق سيكون في قلب هذه الزوبعة، حيث أنه يمارس مهامه بالمنطقة منذ حوالي 7 سنوات، وكان يفترض أن يقود هذه المشاريع الاقتصادية الحيوية نحو النجاح.

وفي طنجة لا يبدو الوضع مختلفا كثيرا، وهي المدينة التي كان سكانها وزوارها يتمنون حدوث زيارة ملكية مفاجئة للوقوف على اختلالاتها الكثيرة.

وكان الملك محمد السادس زار طنجة مؤخرا بشكل غير رسمي قادما إليها من تطوان، مما جعل المسؤولين والمنتخبين يعيشون على أعصابهم بسبب الاختلالات الكبيرة التي تعرفها المدينة على مستوى التسيير والبنيات التحتية.

وتعاني المدينة من تردي كبير على مستوى البنيات التحتية وتفتقر طرقها لعلامات التشوير وتعيش الكثير من قطاعاتها فوضى كبيرة بسبب ما يقول السكان إنه بسبب انشغال عمدة المدينة بالسفريات على حساب المال العام وتفرغه المستمر لشؤونه الخاصة، وعلى رأسها البحث عن أسواق جديدة لأحذية المعمل الذي يمتلكه!

ويتداول السكان عبر مواقع التواصل الكثير من الصور للحالة المتردية لطرقات المدينة وغياب النظافة وانتشار الروائح الكريهة في كل مكان، بما في ذلك المنطقة المحيطة بمقر الجماعة الحضرية، حيث يوجد مكتب العمدة في الطابق السابع.

ومن بين المظاهر المخجلة في طنجة مؤخرا هو محاولة العمدة، منير اللينوري، المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة، إصلاح وتزفيت بعض الطرق التي كان يعتقد أن الموكب الملكي سيمر منها، غير أنه ترك بعض الشوارع في نصف عمليات الإصلاح وانتقل إلى شوارع أخرى، في ارتباك غير مسبوق ومثير للسخرية.

كما يسود سخط كبير من تحول الكثير من الشوارع الرئيسية بطنجة إلى مستودعات مفتوحة لشاحنات النقل الدولي، وهي ظاهرة تجري أمام عيون المسؤولين والمنتخبين.

وتبدو المدينة شبه مشلولة بسبب انشغال العمدة بتصفية حسابات سياسية أو بسبب أسفاره الطويلة إلى الخارج بدعوى “تمتين العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وبلدان العالم”، وفق ما قاله في تصريحات رسمية، وهو ما جر عليه سيلا من التعليقات الساخرة.

ويبدو أن الصيف الذي يوجد اليوم في بدايته، لكنه في أوج حرارته، قد لا يرحل قبل أن يذيب الكثير من “رؤوس الجليد” في مدن تطوان والحسيمة وطنجة، بسبب تكرار الأخطاء الكارثية التي تسببت في إهمال وإفشال مشاريع اقتصادية واجتماعية تتبناها الدولة وتوفر لها كل أسباب النجاح، لكنها تفشل على أيدي منتخبين ومسؤولين غير أكفاء.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )