“فـرنـسا مـاكـرون”.. شـراكـة صـامتـة فـي “الإبـادة الجماعيـة” بغـزة

المساء اليوم – متابعة:

وصفت الباحثة في العلوم السياسية بجامعة أنتويرب، كلوثيلد فاكون، الموقف الفرنسي من العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة، بأنه يرقى إلى مستوى “الشراكة الصامتة في الإبادة الجماعية”، موضحة أن المبدأ التوجيهي للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، منذ بداية العدوان على غزة، كان هو “الدعم الثابت وغير المشروط لتل أبيب”.

دعم ماكرون الأعمى لإسرائيل خيار سياسي

وأشارت كلوثيد في مقال نشرته بموقع Middle East Eye، إلى أن فرنسا، منذ انتخاب ماكرون، تعيش حالة من “الانجراف الاستبدادي” مع إقرار سياسات مناهضة للمجتمع واستمرار عنف الشرطة وإفلاتها من العقاب، وقمع الاحتجاجات، ونشر كراهية الإسلام بشكل منهجي، موضحة أن دعم باريس “الأعمى للجيش الإسرائيلي هو خيار سياسي وليس نتيجة حتمية، كما يتضح من المواقف المتباينة لدول أخرى، مثل أيرلندا واسكتلندا وإسبانيا، مشيرة إلى مواقف أكثر شجاعة أبدتها دول مثل جنوب أفريقيا وبوليفيا، اللتين استخدمتا النفوذ الدبلوماسي لممارسة الضغوط المباشرة على إسرائيل”.

وأضافت أن الدعم الأعمى للقادة السياسيين في فرنسا لـ”نظام الفصل العنصري الإسرائيلي، الذي ينفذ مشروعاً استعمارياً عرقياً قومياً، يجعلهم متواطئين مع اليمين المتطرف، بل إن ماكرون ذهب إلى حد اقتراح توسيع مهمة التحالف العالمي المناهض لتنظيم الدولة ليشمل حماس أيضًا”، مشيرة إلى أن التحول اليميني المتطرف للسياسة الخارجية الفرنسية يتولد من خارج الضوابط الديمقراطية والبرلمانية.

انتقاد سياسة فرنسا الداعمة لإسرائيل “إرهاب”

فرغم أن البرلمان الفرنسي له رأي في الشؤون الخارجية، إلاّ أنه نادراً ما يترجم ذلك إلى معارضة ملموسة، إذ إن الدستور والممارسات المؤسسية يمنحان الرئيس صلاحيات واسعة للغاية فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، وليس للجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الفرنسي تأثير كبير على عمليات صنع القرار، كما أن النشاط التشريعي محدود في هذا المجال، ولذا لا يتمتع البرلمان الفرنسي بفرصة كبيرة للنأي بنفسه عن الحكومة في القضايا الدبلوماسية، ولم يفعل ذلك أبدًا، بحسب كلوثيد.

وقالت إن فرنسا بلغ بها المدى في تجريم التضامن مع الشعب الفلسطيني إلى حد تجريم معارضة الإبادة الجماعية من خلال حظر الاحتجاجات، وطرد النشطاء، واستهداف حملات المقاطعة المناهضة لإسرائيل، وأصبح أي انتقاد لسياسة الحكومة الفرنسية الداعمة لإسرائيل يتم تأطيره على أنه “إرهاب”، بحسب كلوثيد، واصفة ذلك بأنه أشبه بـ”عمليات الأنظمة الاستبدادية”.

وأضافت الباحثة أنه في إطار الترويج لـ”حق إسرائيل في الدفاع عن النفس”، أيدت باريس، في وقت لاحق، قرارا بمجلس الأمن يدعو إلى هدنة إنسانية في غزة، لكن واشنطن استخدمت حق النقض ضده، ومنذ ذلك الحين ذهب ماكرون إلى أبعد من ذلك، ودعا إلى وقف إطلاق النار، لكن هذا الموقف جاء متأخرا للغاية، إذ من خلال دعمها لإسرائيل منحت فرنسا فعلياً الحكومة الإسرائيلية ترخيصاً لارتكاب مذبحة ضد آلاف المدنيين.

الاحتجاجات ضد الإبادة الجماعية بغزة مستمرة في التوسع

ورغم ذلك فإن الاحتجاجات بفرنسا ضد الإبادة الجماعية في غزة مستمرة في التوسع، ما يعكس رفض المواطنين العميق للسياسة الخارجية الفرنسية، ورغبتهم في وضع هذه السياسة في قلب المناقشة الديمقراطية.

فـ”حجم الاحتجاجات التضامنية الأخيرة مع فلسطين شكلت تحديًا للنظريات الكلاسيكية التي تفترض اللامبالاة العامة تجاه الصراعات الدولية، وتنبع عمليات التعبئة هذه جزئيًا من قوة وسائل التواصل الاجتماعي المضادة للهيمنة، والتي يمكن أن تعطل الخطابات الرسمية السائدة وتؤدي إلى تآكل السلطة العامة”.

حق إسرائيل في الدفاع عن النفس ونظرية صراع الحضارات

ورأت كلوثيد أنه “لا توجد كلمات مناسبة لوصف الفظاظة التي أظهرها زعماء العالم الغربي، الذين استمروا في غض الطرف عن جرائم الحرب الإسرائيلية وأعمال الإبادة الجماعية في غزة”، مؤكدة أنه كان من الممكن إنقاذ عشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين قتلوا وجرحوا جراء القصف الإسرائيلي على غزة “لو أن هذه القوى احترمت التزاماتها تجاه القانون الإنساني الدولي، لكنها فعلت العكس”.

وأشارت كلوثيد إلى أن الرفض الغربي للقانون الدولي باسم “حق إسرائيل في الدفاع عن النفس” يلعب دوراً في نوع خبيث من الاستبداد وتعزيز رؤية عالمية خالية من الحس الأخلاقي، مشيرة إلى أن مثل هذا الطرح يخرج عن سياق “واقع الاحتلال الاستعماري ويخفيه، ويخلط بين الفلسطينيين والجهاد العالمي الذي لا يشاركون فيه، وهذا النوع من الخطاب الحضاري، الذي يذكرنا بنظرية “صراع الحضارات” التي يتبناها المحافظون الجدد، يرتكز على خطاب يميني متطرف ينزع عن الفلسطينيين الإنسانية، بحسب كلوثيد.

فـ”فرنسا كان بوسعها، ذات يوم، أن تتباهى بالالتزام العالمي بحقوق الإنسان في الخارج، والالتزام بالتطبيقات المؤسسية والقانونية لمدونة الأخلاق الدولية، لكن هذا العهد يبدو أنه قد ولى بوضوح”، وفق الباحثة في العلوم السياسية.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )