كوميديا مورينيو

خلدون الشيخ

لم تعد الكلمات تفي وصف ما يفعله المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو في الملاعب الكروية، فرغم ابتعاده عن الأضواء وعن الدوريات الكبرى الا انه ما زال يخطف العناوين والأخبار الرئيسية في عالم كرة القدم، ليس لنتائج فرقه اللافتة، بل لأفعاله الشنيعة والمشينة، الى حد وصفها بالكوميدية.
في ليلة يوم الأربعاء الماضي، وكعادته في المباريات الكبيرة والدربيات المهمة، توتر مورينيو وانشحن بعد خسارة فريقه فناربهتشه في نصف نهائي كأس تركيا أمام الغريم الأزلي غلطة سراي، ففي نهاية المباراة، وبينما يتصافح اللاعبون والاداريون في جو مشحون، اعتدى مورينيو بألفاظ نابية على مدرب غلطة سراي أوكان بوروك، قبل ان يمد يده الى وجهه ويقرص أنفه، ما أدى سقوط مدرب غلطة سراي أرضاً امام عدسات الكاميرات، فكان المشهد عبثيا الى حد الضحك، فالجميع يعلم ان بوروك تمادى في تمثيل دور الضحية بسقوطه أرضاً، لكن تصرف مورينيو لم يكن مستغربا البتة على رواد مواقع التواصل الاجتماعي عندما انتشرت صور وفيديوات الواقعة.
الجميع يعلم أن هذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة في سجل المدرب البرتغالي الأسود، فمورينيو (62 عاما) الذي وصل الصيف الماضي إلى تركيا بعد ثلاثة مواسم مع روما الإيطالي قاده خلالها إلى لقب مسابقة «كونفرنس ليغ» عام 2022، أوقف أربع مباريات وغُرّم ماليا أواخر شباط/فبراير، بعد تصريحات أدلى بها عقب مباراة ضد غلطة سراي. حيث انتقد المدرب السابق لريال مدريد والإنتر وتشلسي ومانشستر يونايتد، بشدة التحكيم في تركيا. وقال أيضا في مباراة الدربي السابقة إن المتواجدين على مقعد بدلاء غلطة سراي كانوا «يقفزون كالقردة» كرد فعل على القرارات التحكيمية. وأثارت هذه التعليقات اتهامات بالعنصرية ضد المدرب الجدلي، والذي غرم لاحقا نحو 45 ألف دولار كعقوبة في حقه.
الواقع يقول ان شخصية مورينيو غريبة الأطوار، تعاني من داء العظمة، حيث يرفض الهزيمة دائماً، رغم ان قدراته التدريبية فنيا عادية جداً، لكنه كان يتميز بدوره كمؤثر نفسي وبالعلاقات الشخصية مع لاعبيه، وقدرته على بناء الجسور مع جماهير فريقه، الى درجة أنه يجعل من ناديه قلعة حصينة، بحيث يزرع في عقول لاعبيه بذور الكراهية للآخرين، من لاعبين خصوم وحكام واعلاميين، ليفرض عليهم نظرية أن العالم كله ضدهم، لكن هذه الطريقة بدأت تتآكل منذ انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، مع قدرة اللاعبين على قراءة ما يكتب عنهم، بل والتواصل مع الجماهير مباشرة وليس عبر مدربهم، أي أن ما يلقنوا به لم يكن كل الحقيقة، وهو ما قاد نهاية حقبته مع ريال مدريد بصورة أليمة، وعانى بعدها بشدة في العام ما بعد 2013، فطرد من تشلسي ومن مانشستر يونايتد وحرم حتى من خوض نهائي كأس المحترفين مع توتنهام، وحتى مع روما ورغم اللقب معه، الا أنه رحل غير مأسوف عليه، وفي كل ناد كانت له بصمات جدلية، فواقعة الاعتداء على مدرب ليست جديدة عليه، فهو فقأ عين مساعد مدرب برشلونة الراحل تيتو فيلانوفا في 2010 بعد مشاحنات خلال الكلاسيكو بين ريال مدريد وبرشلونة، وفي 2023 وبعد خسارة المباراة النهائية للدوري الأوروبي مع روما، لم يتحمل فقدان اللقب، فانتظر حكم المباراة الانكليزي مايكل أوليفر في مرآب السيارات عقب نهاية المباراة ليكيل له السباب والشتائم بصورة صبيانية. عدا عن عشرات الوقائع والصدامات مع الاعلامبين والصحافيين والجماهير المنافسة، لكن مع ذلك تبقى شعبيته جارفة، وهناك من يؤمن به حتى لو أخطأ، لهذا دائما يبرز السؤال: هل اختفى «السبيشال وان» عن الاضواء وعن تدريب فرق في الدوريات الكبرى، بسبب تصرفاته وسلوكه المشين؟ أم بسبب قدراته المتواضعة فنيا وخياراته المكلفة والتي تنهك كاهل ادارات الاندية؟ المؤكد أن هذا الموسم سيكون الأخير له مع فناربهتشه حيث وعد بكسر احتكار غلطة سراي للقب، بل واعادة النادي الى الواجهة في المسابقات القارية، لكنه أخفق وبشكل كبير، ودائما رده يكون عنيفا وخارجاً عن المألوف، بصورة لم يعد يراها المتابعون الا على أنها عبث كوميدي.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )