المساء اليوم: في السويد حيث يقيم الروائي والمخرج السينمائي الفلسطيني فجر يعقوب، لم يتوقف عن مراقبة أحوال اللاجئ، ووهم الاندماج، والترفع عن أحكام العنصرية المتجددة في القارة العجوز مع صعود أحزاب "الترف" اليميني، الشعبوي، المتطرفة. وبالرغم من فوزه في وقت سابق بجائزة كتارا للرواية العربية عن روايته (ساعات الكسل-يوميات اللجوء) إلا أن يعقوب لم يتوقف عن مراقبة إيقاع حياة اللجوء الجديدة التي انتقل إليها بعين حذرة ومتأملة، سواء بأفلام قصيرة مثل (خوف) الذي أراد من خلاله تعريف هواجس اللاجئ في العالم الجديد الذي وجد نفسه فيه رغماً عنه، فهو ابن لعائلة فلسطينية لاجئة إلى سوريا، منذ 1948، وولد وعاش في مخيم اليرموك بالقرب من دمشق، قبل أن يغادره رفقة عائلته إلى دول الشتات، ليجرب اللجوء مرة أخرى عبر ممرات آمنة أتيحت للسوري والفلسطيني على حد سواء. اليوم من (منفاه) الجديد أصبح فجر يعقوب جَدَّاً، حيث رزقت ابنته الكبرى ب(رام)، الذي بلغ الآن السابعة من عمره، وقد لفت انتباه الجميع منذ أكثر من سنة بالرسوم التي يقوم بها بشكل دوري، فالخطوط والألوان والأفكار التي تنبثق عنها، انما تتشكل بسهولة، وقد دفعت (الجدّْ) لأن يقوم بتشجيعه عبر انجاز كتاب مشترك بعنوان: هو يرسم، ويعقوب يكتب نصوصه النثرية، أو يقوم بتوليدها منها، حتى تكون معادلاً لغوياً لتلك الخطوط الملهمة التي يقوم بها حفيده رام. ليس الكتاب إلا لغة مكثفة من أجواء البلدين الاسكندينافيين الجارين (السويد والنرويج) حيث أن الحفيد يقيم مع والديه في النرويج، وقد صدر عن هذا التجاور الإبداعي بين الجدّْ والحفيد كتاب نثري مزود بحوالي ثلاثين رسماً لطفل بدأ يقدم رسومه للعالم المحيط به وهو في سن الخامسة بعد. لقد ولدت فكرة كتاب (مراوح إناث الرنَّة) أساساً من موقف عاشه الكاتب مع حفيده عندما ذهب برفقته ليشتري له هدية من أحد المتاجر النرويجية، وكان أن شكر البائعة اللطيفة ثلاث مرات، وقد فاجأه حفيده عندما قال له إنه لا يجب أن يشكر أياً كان سوى مرة واحدة. تنبَّه حينها الكاتب يعقوب إلى ذكاء حفيده، وأيقن أن شكراً واحدة تكفي بالفعل، فالإغداق على أحد ما بالثناء لن يحدث فرقاً في حياته –كلاجئ- على أية حال كما يقول. جاء كتاب (مراوح إناث الرنَّة) في 120 صفحة من القطع المتوسط، وقد صدر حديثاً عن دار لاماسو في السويد.