المساء اليوم: منذ عشرين عاما، بدأت الولايات المتحدة الأميركية مشروعها الجديد في أفغانستان، بعد غزو استخدمت فيه أسلحة فتاكة ارهبت به الأعداء والاصدقاء على السواء. غزت امريكا افغانستان مباشرة بعد هجمات 11 سبتمبر التي تبنتها القاعدة، بزعامة أسامة بن لادن، ومنذ ذلك الوقت اختفت القاعدة وقتل بن لادن وتشتت تنظيم طالبان وتفرق قياديوه بين السجون والجبال والمنافي. عشرون سنة حاولت خلالها أميركا وحلفاؤها بناء مشروع سياسي واجتماعي جديد في أفغانستان، مشروع منافس تماما للمشروع الطالباني، وأعتقد الأفغان أن "الاصدقاء الأميركيين" سيظلون معهم إلى الأبد، وأن طالبان قدرها المقاومة في الجبال، وأن زمنها السياسي صار نسيا منسيا. فيما يشبه كابوسا، استيقظ الكثير من الأفغان على واقع مر، وهم يرون كل القوات الأجنبية تهرول عائلة من البلاد، بينما تحول طالبان إلى سادة الزمان والمكان، وبدأت الفوضى مثيرة وحزينة، وشاهدنا الآلاف من الأفغانيات والأفغان، الذين آمنوا بالمشروع الأميركي، وهم يتزاحمون للالتصاق بالطائرات الأميركية الهاربة، ويتساقطون منها جوا، في مشهد غير مسبوق في التاريخ البشري. ما جرى في افغانستان سبق لأميركا أن فعلته مع شعوب اخرى، حين تتخلى فجأة عن كل شيء، لأن مصالحها تقتضي ذلك، وتترك أصدقاءها يواجهون مصيرهم. انه الوهم الأميركي الذي يحمل خطأ اسم "الحلم الأميركي"..