عبد الله الدامون damounus@yahoo.com لا يبدو أن هناك نفاقا في العالم أكبر من النفاق الذي تجسده عبارات مثل "الأخوّة العربية" و"الوطن العربي" أو "الأمة العربية" و"الأشقاء العرب" وهلم جرا من تلك العبارات التي تثبت، كل مرة، أن هذه الغمة، التي نسميها "أمة"، تحتاج إلى ولوج عاجل لقسم المستعجلات لإجراء جراحة فورية على الدماغ. كثير من الناس الذي جربوا التجوال والسفر ما بين أرض الله الواسعة يقولون إنه لا توجد عنصرية أفدح من تلك التي يمارسها العرب فيما بينهم. وحتى في البلد الواحد هناك مواطنون من الدرجة الأولى ومواطنون من الدرجات الدنيا. ويمكن لأي كان أن يقضي ردحا من الزمن في أوربا أو أمريكا، وبعدها يقضي الوقت نفسه في بلدان عربية، خصوصا الغنية، لكي يدرك الفرق الفاقع على أرض الواقع. ولا يوجد في أي بلد في العالم شعب به جزء من الناس يسمون "البدون"، لكن في عدد من البلدان العربية هناك أمة كاملة من "البدون"، أناس من دون جنسية ولا مواطنة ولا انتماء ولا هوية، والسبب مزاجي فقط. و"البدون" لا يوجدون فقط في الكويت أو بلدان الخليج، بل في كل البلدان العربية حتى وإن بدا في الظاهر أنهم يتمتعون بكامل حقوقهم. إنهم تلك الطبقات الاجتماعية المسحوقة التي تعاني من عنصرية طبقية لا يكترث بها أحد، حتى لو توفر أفرادها على أطنان من وثائق المواطنة. في البلد العربي الواحد هناك عنصرية مقيتة بين الأغنياء والفقراء، وفي البلدان العربية هناك عنصرية يمارسها العرب الأغنياء ضد العرب الفقراء. العربي يكون قاسيا جدا حين يمارس عنصريته المريضة ضد غيره، خصوصا ضد غيره من العرب، في المقابل، يبدو العربي الغني وديعا جدا مع الآخرين، مع الأمريكيين والأوربيين عموما.. وثراء العرب في خدمة الغرب. وسائل الإعلام العربية تطحن العروبة في أول مناسبة تتاح لها. وعندما ينشب أدنى خلاف بين الحكومات العربية، تنشب حرب مقيتة يمارس فيها كل طرف دور عصابات "الكوكْلوكس كْلان" ضد الطرف الآخر. وفي كثير من المناسبات تخوض بلدان بكاملها حربا إعلامية لتشويه سمعة بلد عربي آخر، سواء عبر نسائه أو عماله أو أي شيء. عروبة أوهن من بيت العنكبوت. هناك حكايات كثيرة عن تباغض كبير وعنصرية مقيتة يمارسها العرب ضد العرب، فمشكلة العرب مع أنفسهم بالأساس، لأنه في الوقت الذي لا يستطيع بلد عربي الانسجام حتى بين شعبه في رقعة جغرافية ضيقة، فإن الحديث يدور حول أمة عربية وقومية عربية وبطيخ عربي، مع أن الواقع هو أن القبلية العربية والعصبية البدوية لا تزال مستمرة إلى اليوم في أجلى مظاهرها، وكل بلد عربي يتصور البلد العربي الجار هو عدوه الأول والأخير، تماما كما كانت تفعل القبائل زمن الجاهلية، والنزاعات التي يخوضها العرب فيما بينهم لم يخوضوها ضد أعدائهم، والأحقاد السائدة بين العرب لا توجد في أي مكان آخر من العالم. إنهم الإخْـ.. وة العرب.. !