المساء اليوم – متابعة: تلقى تنظيم "داعش" ضربات موجعة بخسارة زعيمين له في فترة وجيزة في أهم معقلين جديدين له بإفريقيا بعد انهيار معاقله في سوريا والعراق وليبيا، فمقتل أبو مصعب البرناوي زعيم "داعش" غرب أفريقيا منتصف أكتوبر، وبعد شهر واحد فقط على مقتل عدنان أبو وليد الصحراوي زعيم "داعش" بالصحراء الكبرى، يطرح تساؤلات حول مدى تأثير ذلك على تماسك التنظيم واستمرار نشاطه في أهم معقلين نشطين لديه. قد يكون من السابق لأوانه الحديث عن بداية تفكك "داعش" في منطقتي الساحل وشمال شرق نيجيريا، رغم مقتل زعيمين مؤسسين بحجم الصحراوي، مؤسس "جماعة التوحيد والجهاد" في غرب أفريقيا، والذي بايع "داعش" عقب اتحاده مع جماعة مختار بلمختار (الموقعون بالدماء)، و أبو مصعب البرناوي زعيم "داعش" في غرب إفريقيا، ونجل مؤسس جماعة بوكو حرام النيجيرية، والذي عينه التنظيم على غرب إفريقيا، بعد انفصاله عن بوكو حرام سنة 2016، إثر خلافات مع زعيم الجماعة أبو بكر شكوي الذي توفي في وقت سابق من العام خلال معارك داخلية بين الفصيلين. العديد من مراكز الدراسات المتخصصة في متابعة نشاط الجماعات الإرهابية تعتبر أن "داعش" في الصحراء الكبرى وغرب إفريقيا دخل مرحلة إعادة تنظيم نشاطه في المنطقة، فتجارب العديد من الجماعات الإرهابية والمتشددة تكشف أن مقتل زعاماتها يضعفها لكنه لا يقضي عليها، حيث تقوم بتجديد قياداتها بشكل روتيني نظرا لطبيعة نشاطها، واحتمال مقتل زعمائها القائم في أيّ وقت، بالنظر إلى مطاردتهم من العديد من الجيوش المحلية والقوى الكبرى. وتعتبر هذه المراكز، أن "داعش" في الصحراء الكبرى وغرب إفريقيا دخل مرحلة إعادة تنظيم نشاطه في المنطقة، فبعد أن سيطر على معظم أجزاء ولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا بما فيها مناطق في حوض بحيرة تشاد، واكتمال القوس مع معاقله في الصحراء الكبرى، يسعى داعش لإعادة توحيد هذه المنطقة الشاسعة وتقسيمها إلى ولايات. وفي هذا الصدد، تحدثت دراسة لمعهد الدراسات الأمنية في جنوب إفريقيا عن خطط لإعادة هيكلة داعش في المنطقة، بإنشاء 4 ولايات في كل من بحيرة تشاد، وتمبكتو (شمال مالي)، وتومبوما (غينيا). وغابة سامبيسا، تحت قيادة مركزية في بورنو، حيث استفاد "داعش" الصحراء الكبرى وغرب أفريقيا، من التحاق آلاف العناصر من التنظيم في كل من العراق وسوريا وليبيا، ما عزز من قوته في المنطقة وساعده في هزيمة بوكو حرام في شمال شرق نيجيريا. وذكر "مركز غرب إفريقيا لمكافحة التطرف" في تقرير له عام 2018 أن نحو 6 آلاف عنصر يتحدرون من بلدان غرب إفريقيا، الذين قاتلوا مع داعش، عادوا إلى ديارهم في العراق وسوريا بعد انهيار الخلافة التي أعلنها التنظيم، كما لم يستبعد أن يكون عدد من هؤلاء العائدين انضموا مجددا إلى داعش في الصحراء الكبرى أو غرب أفريقيا، مما يضاعف مخاطر انتشار التنظيم في المنطقة نظرا لخبرتهم القتالية والتنظيمية. وما يعزز ذلك ما نشره "معهد الدراسات الأمنية في إفريقيا" المستقل، ومقره في بريتوريا، في غشت الماضي، أن 130 مقاتلاً سابقًا أو أكثر التحقوا بداعش غرب إفريقيا، بعد عودتهم من ليبيا على ثلاث دفعات بين أبريل ويونيو الماضيين، حيث توقع المعهد وجود 70 مقاتلا آخرين على الأقل في ليبيا يستعدون للالتحاق بـ"داعش" غرب أفريقيا، دون تحديد متى سيتم ذلك. وتعكس هذه التقارير الأمنية أن المنطقة أصبحت تستقطب عناصر "داعش" الفارين من العراق وسوريا وليبيا، ما يعني تضخم قوة التنظيم الإرهابي، ما يدفعه إلى إعادة هيكلة نفسه، وقد يؤدي ذلك إلى صراعات بين قياداته المحلية والقادمة من الخارج، وليس مستبعدا وقوع تصفيات داخلية من أجل سيطرة القيادات القادمة من الخارج على "داعش" في الصحراء الكبرى وغرب أفريقيا، وقد نشهد إعادة تمدد التنظيم في دول أخرى مطلة على خليج غينيا. وقد يصطدم "داعش" مجددا بالتنظيمات الموالية للقاعدة في شمال مالي لابتلاعها، مثلما فعل مع "بوكو حرام"، عبر القضاء على قياداتها، وضم عناصرها تحت شعار الوحدة بين التنظيمات المسلحة، مما يتحتّم على دول المنطقة إعادة تنظيم نفسها وتحالفاتها وعدم انتظار اكتمال إعادة هيكلة التنظيم لنفسه، خاصة وأن دول أخرى في غرب إفريقيا قد يطالها التهديد.