المساء اليوم: هناك مشكلة في إعلان الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، وهي أن الكثير من المغاربة، وحتى من الجزائريين، كانوا يعتقدون أن العلاقات المغربية الجزائرية مقطوعة أصلا، ومن زمان، لذلك فاجأهم وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، وهو يتلو "البيان رقم واحد" بكثير من الفخر المرضي. جاء لعمامرة إلى الندوة الصحافية مسلحا بالكثير من أوهام التاريخ والجغرافيا، وفعل ما يفعله أي لاعب كرة قدم يوجد في الملعب لوحده، وضرب الكرة في الجدار لكي تعود إليه، وكانت جوقة الصحافيين الرسميين في القاعة تلعب بامتياز دور الجدار. إلى حد الآن فإن الكثيرين لا يعرفون أسباب إقدام الجزائر على هذا القرار، فقد تحدث لعمامرة عن كل شيء، ابتداء من حرب الرمال حتى حرب الفضاءـ ثم دخل رأسا في تبرير ما لا يبرر، وهو إعلان قطع علاقات لم تكن يوما ما طبيعية، منذ قررت الجزائر تقديم الدعم اللامحدود لجبهة البوليساريو مباشرة بعد المسيرة الخضراء. الإعلان الجزائري بقطع العلاقات قد يكون معكوسا، فالمغرب هو من بادر بقطع العلاقات مع الجزائر بعد المسيرة الخضراء، واستمرت العلاقات مقطوعة إلى سنة 1987، إلى أن استعيدت بعد وساطة سعودية، وتم فتح الحدود لفترة قصيرة، إذ سرعان ما عادت الجزائر إلى إغلاقها بضع سنوات بعد ذلك، وتستمر مغلقة حتى اليوم. طوال كل فترة التوتر الطويلة بين المغرب والجزائر فعل المسؤولون الجزائريون كل شيء لتأجيج التوتر، دعموا البوليساريو بلا حدود، وشتتوا العائلات، وكلنا نتذكر مأساة عشرات الآلاف من المغاربة المطرودين من الجزائر صباح عيد الاضحى، ثم الكثير من التوجهات العدوانية الخطيرة، وهنا لن نعود إلى سطو الأشقاء الجزائريين على مساحات هائلة جدا من تراب المغرب الشرقي، بحجة عدم المساس بالحدود الموروثة عن الاستعمار. كل ما فعلته الجزائر اليوم أنها قطعت ما هو مقطوع أصلا، فالجيران أبانوا عن هشاشة مفزعة لأنهم لم يتحملوا عبارة قصيرة في دوالبيب الأمم المتحدة، ولم يجربوا صبر المغاربة على حماقات الجزائر المستمرة منذ أزيد من نصف قرن، بل أطول من ذلك بكثير. ربما لن نعلق على القرار الجزائري سوى بقول مأثور "عدو عاقل خير من جار جاهل"..