المساء اليوم - ح. اعديّل: الزيارة التي قام بها قبل بضعة أيام، الأمين العام لحزب الاستقلال، نزار البركة، إلى ضريح الولي الصالح مولاي عبد السلام بن مشيش بجبل العلم ضواحي العرائش، أثارت الكثير من التساؤلات حول مغزاها وتوقيتها، خصوصا وأنها جاءت بضعة أسابيع فقط على تشكيل الحكومة الجديدة التي تلت الانتخابات التي حل فيها حزب الاستقلال ثالثا. وظهر نزار البركة، نهاية الأسبوع الماضي، في ضريح مولاي عبد السلام محاطا بعدد من أفراد عائلته المقربين ومن المنتسبين للزاوية والمنطقة، على رأسهم نقيب الشرفاء العلميين، عبد الهادي البركة، وهو عم نزار، وأيضا يعتبر الأب الروحي لزعيم حزب الاستقلال وعراب نجاحه في الانتخابات في ثامن شتنبر الماضي. ووفق مصادر مقربة من نزار البركة، فإن هذه الزيارة جاءت فيما يشبه عرفانا بالأصوات الكثيرة التي حصدها البركة خلال الانتخابات الأخيرة في المنطقة التي تعتبر خزانا انتخابيا للحزب، سواء في زمن البركة أو زمن أسلافه، الذين عادة ما فضلوا الترشح في هذه الدائرة الانتخابية التي يحصدون فيها الأصوات بطريقة مثيرة للدهشة. غير أن مصادر "المساء اليوم" اعتبرت أن مصطلح "الخزان الانتخابي" لا أساس له من الصحة، وأن دوافع أخرى خارجة عن إرادة السكان تدفع مرشحي حزب الاستقلال إلى الفوز في الانتخابات بهذه المنطقة، مذكرا بما جرى عندما ترشح عباس الفاسي، الذي كان أمينا عاما لحزب الاستقلال، في هذه المنطقة، والطريقة التي فاز بها أمام منافسه المعروف باسم "السوماتي". وأضاف المصدر أن هذه الزيارة رسالة شبه مشفرة إلى سكان المنطقة الذين عارضوا بقوة، خلال السنتين الماضيتين، محاولة نقيب الشرفاء العلميين، عبد الهادي البركة، تحفيظ أزيد من 1000 هكتار من أراضي جماعة تزروت، باسمه شخصيا، وهو ما أثار موجة من الاحتجاج بين سكان المنطقة، الذين اعتبروا ذلك "تعديا صريحا" على الأملاك العامة باسم الشرفاء. وتضيف مصادر "المساء اليوم" أن هذه المحاولة سممت الأجواء في المنطقة، حين احتج السكان على محاولة التحفيظ باسم شخص نقيب الشرفاء العلميين، في الوقت الذي كان ممكنا إجراء عملية التحفيظ في اسم جماعة تزروت. وحسب هذه المصادر فإن زيارة نزار البركة لضريح مولاي عبد السلام، رفقة عمه وأصهاره، تهدف أساسا إلى تخفيف حدة التوتر بين السكان وبين الأوصياء على الضريح، كما تهدف الزيارة إلى توجيه رسالة إلى معارضي التحفيظ، وهي أن "الحكومة معنا"، في شخص نزار البركة، الذي بدا في الصور جنبا إلى جنب مع عمه ووالده الروحي عبد الهادي البركة، في رسالة لها أكثر من مغزى. وما يمنح هذه الزيارة بعد سياسيا واقتصاديا أكبر، تضيف المصادر، هو أنه بالإضافة إلى محاولة تحفيظ أكثر من ألف هكتار من أراضي جماعة جبل العلم باسم البركة، فإن جدلا حادا تفجر في المنطقة قبل بضعة أشهر، عندما منحت الرئيسة السابقة لجهة طنجة تطوان الحسيمة، فاطمة الحساني، قرابة 300 مليون سنتيم من ميزانية الجهة، لإصلاح وترميم منازل ودور ضيافة مجاورة للضريح، وهي كلها في اسم عائلة البركة، وهو ما أثار موجة سخط كبير بين السكان. وعلى الرغم من هذه المنحة التي لا تزال تثير جدلا حتى اليوم، فإن جهة طنجة تطوان في عهد الحساني لم تتراجع عن القرار، وتم تسليم المنحة فعلا لعائلة البركة، قبل وقت قصير من رحيل الحساني، ربما مخافة التراجع عن القرار من طرف رئيس الجهة الجديد. وحسب مصادر "المساء اليوم"، فإن زيارة نزار البركة، محاطا بعائلته والمقربين، إلى ضريح مولاي عبد السلام بن مشيش، توجه رسالة إلى المعارضين بأن عائلة البركة لا تزال قوية، وتقوّت أكثر مع الحكومة الجديدة، التي أصبح فيها نزار البركة، ومعه حزب الاستقلال، رقما أساسيا في الحكومة الجديدة. ويبدو أن الأيام المقبلة ستكون حبلى بالمفاجآت فيما يخص ملفي التحفيظ ومنحة الجهة، بالإضافة إلى ملفات أخرى، من بينها موضوع تعيين خلف لنقيب الشرفاء، في ظل التعب الذي صار ملازما لعبد الهادي البركة، الذي أصبح سنه لا يسمح له بالانتقال باستمرار إلى الضريح والمشاركة بفعالية في المواسم الدينية.