المساء اليوم - حسنية أسقال: منذ أن مات الجنرال فرانكو، الذي حكم إسبانيا بالحديد والنار لمدة تقارب الأربعين عاما، عاشت البلاد الكثير من الأحداث الداخلية والخارجية، والكثير منها مرتبط بالمغرب. ونهاية عقد الثمانينيات، وبالتحديد في العام 1988، طالب كل من خيراردو إغليسياس، أمين عام الحزب الشيوعي الإسباني 1982-1988، ومارسيلينو كاماتش، أمين عام اللجان العمالية 1976-1987، مدريد بإعادة سيادة مدينتي سبتة ومليلة للمغرب في غضون 20 إلى 25 عاما، الأمر الذي جر عليهما وابلا من الانتقادات والاتهامات من الأصدقاء قبل الخصوم. وعكس ما يعتقد كثيرون من كون العاهل الإسباني السابق، خوان كارلوس الأول، كان الوحيد الذي فكر في إرجاع سبتة ومليلية إلى المغرب بعيد وصوله إلى العرش سنة 1975، قبل أن يعارض الجيش الإسباني ذلك بشدة، فإن الشيوعيين الأسبان فكروا بجدية في هذا الأمر. الحزب الشيوعي الإسباني ومنذ تأسيسه سنة 1924 شدد على انسحاب إسبانيا من سبتة ومليلية باعتبارهما انتهاكا متواصلا للوحدة الترابية للبلد الجار وتناقضا سافرا مع الخطاب الإسباني عن مستعمرة جبل طارق البريطانية. وفي يونيو 1975 حدد الحزب في برنامجه الانتخابي موقفه من المدينتين في تأييد إعادة سيادتهما إلى المغرب، ودافع مرشح الحزب في مليلية للانتخابات العامة خيمينيس باسكيث، خلال الحملة الانتخابية، عن فكرة إعادة المدينتين إلى المغرب. وفي 1986، طالب زعيم تحالف اليسار خيراردو إيغليسياس، إسبانيا، بفتح مفاوضات مع المغرب بشأن تصفية الاستعمار في المدينتين. ارتباط سبتة ومليلية بإسبانيا لم يكن ذا أهمية تذكر لشيوعيي إسبانيا، بل على العكس، كانوا يعتبرون المدينتين من بقايا الاحتلال الإسباني ويجب إعادة سيادتهما لبلدهما الأم المغرب. لكن فكرة إعادة سيادة المدينتين إلى المغرب ظلت حبيسة أدراج الحزب حتى بداية فبراير 1988، عندما أعلن الحزب الشيوعي الإسباني برنامجه رسمياً، تحت عنوان بسيط "الحزب الشعبي الإسباني يقترح تسليم سبتة ومليلية إلى المغرب"، في إشارة إلى ضرورة معالجة الوضع في الصحراء والمطالب المغربية بشأن سبتة ومليلية والمطالب الإسبانية بشأن جبل طارق من منظور عالمي. الحزب أكد على ضرورة تحقيق الاندماج الإقليمي لسبتة ومليلية داخل المغرب، من خلال مفاوضات وفترة انتقالية تتراوح بين 20 و25 سنة، وضمن تدابير انتقالية، من بينها: منح الجنسية الإسبانية دون قيود لجميع أفراد الجالية المسلمة الذين يمكنهم إثبات تواجدهم في كلا المربعين. التقليل من الوجود العسكري بالمدينتين، اتفاق مع المغرب للحد من التهريب والحصول على ضمانات تحمي المصالح الإسبانية في المنطقة". بعد أسابيع قليلة، "صادقت الجلسة العامة لمؤتمر لجنة الخبراء الدائمة على تأييد التكامل الإقليمي لسبتة ومليلية في المغرب، لكنها رأت أن "قُبول النص المقدم مع الدمج يعني "معارضة، وبوضوح، رأي الأغلبية في سبتة ومليلية". وبالتالي تم استبعاد هذا الموضوع من الوثيقة ولم يكن الحزب الشيوعي الوحيد الذي طالب بتصفية الاستعمار الإسباني في سبتة ومليلة، فهناك سياسيون وأكاديميون إسبان أيدوا هذا المطلب، من بينهم الدبلوماسي الإسباني السابق ماكسيمو كاخال في كتابه "سبتة ومليلية أوليفنسا وجبل طارق..أين تنتهي إسبانيا؟"، الذي دعا مدريد إلى إعادة النظر بطريقة جذرية في موقفها من سبتة ومليلية وما تبقى من وجودها على السواحل المغربية، مؤكدا أن مخلفات التاريخ هذه تعوق التطور العادي للعلاقات بين الرباط ومدريد. كما سبق للأكاديميان إينريكي كاراباثا وماكسيم دي سانتوس أن دعا في كتابهما "مليلية وسبتة.. آخر المستعمرات"، إسبانيا إلى تصفية استعمار الثغرين باعتباره الإجراء العادل من وجهة نظر الديمقراطية ومناهضة للاستعمار"، في تأييد لـ"إعادة سبتة ومليلية والصخور والجزر الصغيرة المتاخمة للمغرب".