شبكة خطيرة بالمغرب مختصة بالتجارة الإلكترونية نصبت على ضحاياها بالملايير.. وهذه خططها الجهنمية..

المساء اليوم – ح. اعديّل:

عدد من التجار وقعوا ضحايا، خلال السنوات القليلة الماضية، لعمليات نصب كبيرة ومحكمة، تقوم بها شبكة على قدر كبير من الاحترافية، وتنصب شباكها لضحايا في كل مدن ومناطق المغرب، ووسيلتها المفضلة لذلك هي المواقع المتخصصة في التجارة الإلكترونية، مثل “Avito” وغيره.

عمليات النصب، إلى حدود اليوم، وصلت إلى الملايير، وفق ما أفادت به مصادر خاصة لـ”المساء اليوم”، وفي الوقت نفسه، فإن هذه الشبكة، رغم أنها تزاول نصبها في كل المناطق المغربية، فإنها لا تزال حرة طليقة، بينما هناك العديد من الشكايات ضد أفرادها، وهناك أيضا، معطيات تفصيلية حول عملها، بما فيها أرقام الهواتف وصور عدد من أفرادها.

زعيم هذه الشبكة يطلق على نفسه اسم إبراهيم بوفوس، وأكيد أنه اسم منتحل، والهدف من ورائه هو انتحال اسم شهير من منطقة سوس، هذه المنطقة الشهيرة بالعمل التجاري وباحترافية أهلها في هذا المجال.

عملية النصب، إذا، تبدأ بالاسم، ثم تتجاوز ذلك إلى مجالات أخرى كثيرة. العملية تبدأ عبر اتصال هذا الشخص، إ. ب، بالتجار الذين يعرضون بضائعهم في المواقع المتخصصة في التجارة الإلكترونية، وخصوصا موقع “Avito“، ويتفق معهم على شراء كميات كبيرة من سلعهم، مقدما نفسه أنه تاجر كبير في مدينة في الدار البيضاء.

أما البضائع الذي “تشتريها” شبكة النصب فهي كل شيء تقريبا، مثل مكيفات التبريد والأبواب المصفحة وأطنان من الأرز العالي الجودة واللوحات الفنية وزيوت المحركات والزرابي وغير ذلك. إنها تركز على أي شيء تراه ثمينا وقابلا لإعادة البيع بسرعة. فالشبكة لا تريد أن تبقى البضاعة مخزنة لديها لأن ذلك قد يسبب لها مشاكل كبيرة، بل تقتني بضائع تعرف أنها ستبيعها بسرعة.

يمارس زعيم الشبكة، إ. ب، حربا نفسية على ضحاياه منذ البداية، فهو يبدو حذرا جدا عند قيامه بالتفاوض على شراء البضاعة، كما لو أنه يتظاهر بالخوف من أن يتعرض للغش، ويقول إنه تعرض للنصب أكثر من مرة، مما يضع صاحب البضاعة في موقف ضعف نفسي، كما يصر النصاب على أن تكون البضاعة سليمة تماما من كل الشوائب وتتوفر على كل الأوراق القانونية من جمارك وضرائب.. إلخ، وعندما يتأكد من سلامة البضاعة شكلا وقانونا، يلجأ إلى الخطة الثانية، والأهم، من عملية الاحتيال. وهذه الخطوة تتمثل في كون المحتال، المدعو إ.ب، يصر على الأداء بالشيك المضمون، أو بإيداع الثمن في الحساب البنكي للتاجر.

انطلاقا من هذه المرحلة يبدأ تفعيل عملية النصب بأكثر الطرق احترافية. فإذا ما تم الاتفاق على الأداء بالشيك المضمون فإن النصاب يرسل الشيك صباح السبت، وهذا الموعد مختار بعناية، لأن الأبناك لا تشتغل السبت والأحد، والهدف هو الحيلولة دون التأكد من سلامة الشيكات، فيبقى له هامش كبير من الوقت، وهو 48 ساعة، لكي يقوم بعملية النصب في طمأنينة.

عندما النصاب يرسل الشيك إلى البائع، يتسلم النصاب البضاعة في نفس اليوم، أي يوم السبت، ويعمد إلى كراء شاحنات نقل من نفس مدينة صاحب السلعة أو مدينة مجاورة ويرافقها أحد أفراد العصابة. وبعد أن تحمل هذه الشاحنات البضاعة، فإنها تفرغها، عادة، في ضواحي الدار البيضاء، إما في ساحات فارغة أو مباشرة في وسائل نقل تكون العصابة قد جهزتها من قبل، ويعود ناقل السلعة إلى مدينته من دون الاطلاع على المكان الحقيقي لتفريغ البضاعة.

بعد ذك تقوم الشبكة بنقل البضاعة المفرغة إلى مكان إلى آخر قبل إعادة بيعها، تمويها لكل من يقرر اتباع مسار سلعته. وأحيانا يتم تحويل البضاعة مباشرة إلى المشترين الجدد الذين يكونون قد تم الاتفاق معهم من قبل. بعد أن تتم كل هذه العملية يوم السبت أو يومي السبت والأحد، يكون صاحب البضاعة الأصلي على موعد مع الصدمة يوم الاثنين، عندما يذهب إلى البنك لسحب الشيك “المضمون” الذي توصل به من المشتري النصاب.

يقوم متسلم الشيك المضمون بدفعه إلى البنك فيكتشف أن الشيك المضمون يحمل أختاما وطوابع مزورة للمؤسسة البنكية، وكذلك توقيعات المسؤولين البنكيين، كما أن هذه الشيكات “المضمونة” هي في الأصل مسروقة من أصحابها الأصليين، بل إن أصحابها يكونون قد بلغوا من قبل عن سرقتها. لكن عندما يتم اكتشاف اللعبة، يكون الأوان قد فات.

وفي تسجيل صوتي تتوفر “المساء اليوم” على نسخة منه، اتصل أحد الضحايا بزعيم الشبكة، المدعو إبراهيم. ب، ليخبره أن الشيك الذي سلمه إياه بخصوص صفقة أرز، يحمل أختاما مزورة، فتظاهر زعيم الشبكة بالمفاجأة، ووعده أنه سيتأكد من الأمر ويعيد الاتصال به بعد دقائق، ثم أقفل هاتفه النقال وتخلص من الرقم الهاتفي نهائيا، مثلما تم التخلص من أرقام هاتفية أخرى في عدد من العمليات.

الشيكات موضوع التزوير، التي تتوفر “المساء اليوم” على نسخ منها، تهم شيكات المؤسسات البنكية التالية: بنك أوف أفريكا BANK OF AFRICA، القرض العقاري ولسياحي CIH ، التجاري وافا بنك ATTIJARIWAFABANK ، البنك المغربي للتجارة والصناعة  BMCI.

لكن في الحالة الثانية، أي إذا تم الاتفاق مع البائع على إيداع ثمن البضاعة في حسابه البنكي، فإن العصابة تعمد أيضا إلى تزوير توصيلات بإيداع أثمان السلع في حساب التاجر، وتبعث له نسخا منها عبر الواتساب، والتوصيلات تحمل شعار المؤسسة البنكية مزورا، أيضا. بهذه الطريقة تعمد الشبكة إلى ربح الوقت أيضا، لأنها توهم البائعين بأن عملية التحويل البنكي تتطلب بعض الوقت، وتصر على تسلم البضاعة فورا. وعندما يتم اكتشاف المقلب، تكون البضاعة في خبر كان.

التجار ضحايا هذه الشبكة الخطيرة، بمجرد اكتشاف الاحتيال، يلجؤون فورا إلى التقدم بشكايات للمصالح الأمنية مصحوبة بالأرقام الهاتفية المستعملة في الاتصالات، وتسجيلات لفحوى وصوت المكالمات الجارية، بما فيها صوت المدعو بوفوس، وأحيانا صورا لأفراد العصابات الذين يتسلمون السلع، والتي تتوفر “المساء اليوم” على نسخ منها.

كما يتقدم الضحايا بشكايات فورية إلى الأبناك التي تم استعمال شيكاتها وأختامها المزورة، لكن الغريب هو أن الضحايا يقولون إنهم لا يتلقون أية مساعدة من جانب هذه الأبناك، مما يضرب في العمق الثقة في المؤسسات البنكية ويقم ظهر مناخ الأعمال. في هذه الحالة يبقى الضحايا في انتظار المجهول، ولا يبقى لهم إلا الحسرة والإحساس بانعدام الحماية القانونية.

الضحايا قاموا بكل الإجراءات اللازمة، لدى الأمن ولدى الأبناك، بل إن عددا من الذين تمت سرقة شيكاتهم وتم استعمالها من طرف الشبكة تقدموا بدورهم بشكايات إلى الأبناك وإلى مصالح الأمن. كما يتوفر الضحايا على عدد من الصور التي يظهر فيها بعض أفراد هذه الشبكة، من الذين يتسلمون البضائع ويقومون بتخزينها في أماكن معينة. وإلى حدود الآن، فإن الشبكة لا تزال تمارس أعمال الاحتيال هنا وهناك، وكل يوم يرتفع أعداد ضحاياها.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 1 )

  1. ابراهيم :

    ان تعرضت بنفس النصب

    0