المساء اليوم - أ. مرادي: حمل الخطاب الملكي الأخير، بمناسبة الذكرى الـ46 للمسيرة الخضراء، معطيات متوقعة وأخرى غير متوقعة، لكن ما كان منتظرا تم التطرق إليه، وهو قضية الصحراء المغربية والتحديات المحيطة بها. وحمل الخطاب الملكي رسائل متعددة الاتجاهات، منها الواضح ومنها المرموز، فالواضح كان هو أن الصحراء المغربية لا تفاوض حولها، والمرموز كانت الرسائل الموجهة نحو الجزائر، عبر الإشادة القوية بالقوات المسلحة الملكية، ونصف الواضح، أو نصف المرموز، كان نحو الجارة الشمالية إسبانيا، عبر وضعها في خانة الدول ذات المواقف الغامضة، وربما يوجد بينها أيضا الإدارة الأمريكية الحالية بزعامة جو بايدن. ولم ينجر الخطاب الملكي نحو التهديدات الجزائرية بـ"رد الضربة"، والتي رددها بيان رسمي جزائري مؤخرا، عقب مقتل ثلاثة من سائقي الشاحنات الجزائريين، تقول مصادر إنهم كانوا داخل منطقة الخط العازل بالصحراء المغربية، وربما كانوا يحملون أسلحة جزائرية متطورة لمليشيا البوليساريو، بينما تشكك روايات أخرى في هذا الحادث حملة وتفصيلا. وحمل الخطاب الملكي رسائل سياسية ودبلوماسية، بحكم أنه فتح آفاقا للمستقبل، وذكر بالمواقف المبدئية للمغرب والتزامه بالشرعية الدولية وبالحل السياسي والسلمي للنزاع المفتعل بمنطقة شمال إفريقيا. ومن بين النقط التي تطرق إليها الخطاب الملكي هناك المقاربة التنموية التي ينهجها المغرب في الصحراء، التي باتت تشهد مشاريع مهمة ذات بعد اقتصادي واجتماعي وثقافي ورياضي وبيئي، مما جعلها قبلة لتدفقات الاستثمارات الوطنية والأجنبية والمشاريع الكبرى. وشدد الخطاب الملكي على أن "المغرب لا يتفاوض على صحرائه، بل يعمل جاهدا من أجل إيجاد حل سلمي لهذا النزاع المفتعل"، مؤكدا على أن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء يبقى من المواقف التي يعتز بها جميع المغاربة. وذكّر الخطاب الملكي بالتطورات الإيجابية التي تعرفها قضية الصحراء، ومنها أساسا إعادة تأمين معبر الكركرات يوم 13 نونبر من السنة الماضية، ومبادرة عدد من الدول من إفريقيا والعالم العربي وأمريكا اللاتينية بفتح قنصليات لها بمدينتي العيون والداخلة.. "هذه التطورات الإيجابية التي تعرفها القضية الوطنية، تؤكد مرة أخرى الحقيقة الثابتة لمغربية الصحراء انسجاما مع التزام المملكة بالمرجعية الأممية التي صاغها مجلس الأمن منذ سنة 2007 والتي تأخذ بعين الاعتبار مقترح الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية". يقول الخطاب الملكي. ووجه الخطاب الملكي رسائل واضحة إلى البلدان ذات المواقف الغامضة تجاه الوحدة الترابية للمغرب، من بينها إسبانيا، التي تعتبر الشريك الاقتصادي الأول للمغرب، بينما مواقفها متذبذبة وغامضة تجاه الصحراء، مما يجعل، ليس إسبانيا فقط، بل المغرب أيضا في حالة تناقض مع نفسه، عبر منح امتيازات اقتصادية كبيرة لبلد يرفض اتخاذ موقف واضح من الصحراء المغربية. هناك رسالة يمكن أن تكون مشابهة، موجهة نحو الإدارة الأمريكية الحالية، والمطالبة بتفعيل اعترافها الصريح بمغربية الصحراء، حيث يلاحظ أنه منذ وصول الرئيس جو بايدن، إلى البيت الأبيض، ظل الموقف الأمريكي يراوح مكانه.