“البحر البعيد” فيلم لسعيد بن العربي عن غياهب الهجرة

سميرة مغداد

 

اختتمت عروض مسابقة الفيلم الوطني بطنجة، بفيلم “البحر البعيد”، للمخرج سعيد حميش بن العربي.. ويمكن أن يكون العنوان بشكل اخر يوازي صخب موضوع الفيلم وهو الهجرة والغربة.

 

باستلهامه من جو أغاني الراي التي قال عنها المخرج نفسه خلال تقديم الفيلم في القاعة الكبرى بقصر المؤتمرات، إن هذه الأغاني هي التي أوحت له بكتابة الفيلم لما تحمله من معاني وأشجان الاغتراب.

 

لايمكن في الواقع سوى الثناء على الفيلم الذي يتمتع بايقاع ديناميكي سريع متسلسل يجعلك منتبها لحكاية شاب مغربي هاجر بحثا عن الانعتاق من واقع مر ليحتضنه واقع أمر في مارسيليا وسط شباب مغاربيين يعانون الضياع وعدم الأمان الذي يجرهم إلى الانحراف وإيجاد اي طريقة للحصول على إقامة ووضع مستقر ..لقد تمكن المخرج من تجسيد واقع الاغتراب في زمن ما، أو لعله زمن متردد باستمرار وسط شباب حارك يغامر وسط المجهول.

 

الفيلم يختصر بواقعية كبيرة أزمة المهاجر المغاربي في تحدياته اليومية مع قيم بلده والبلد المضيف.

 

لم يقدم الفيلم حلولا ولا رؤية حالمة قد تخترق الواقع وتمنح فرص لحياة أفضل ولو فنيا، لكنه تفوق في طرح مشهد أو مشاهد حياة الغربة بواقعية ، دون اللجوء لاستعمال المبالغة ولا الإبهار، بل عبرت الحكاية البحر لعالم آخر ليس ورديا أبدا، لكنه بديل لواقع أمر ،الفيلم تمكن من تجديد التعاطف مع المغترب المغربي والمغاربي بصفة عامة، في صور انسانية صادمة أحيانا لاتغري بالمغامرة الكبرى التي مازال يتبناها شبابنا لحد كتابة هذه السطور.

 

ويبقى “البحر البعيد” محاولة جيدة من مخرج مغربي لتحليل واقع الهجرة والمهاجرين الذي مازال يستدعي منا جميعا استيعابه لمنع المد العاتي والتوق الجارف للضفة الأخرى، والمقامرة بالنفس وسط البحار الموحشة البعيدة.إنه الإبحار ضد المجهول وضد التيار في محاولة للبحث عن الذات وتحقيقها.. وهو إبحار نفسي عميق للتخلص من الألم أساسا.. لعل الفيلم دعوة إلى التفكير بجدية مرة أخرى لاستيعاب شبابنا بحب أكثر وتوفير إمكانيات رحبة ليبقى شبابنا بيننا في بلده ولا يلقي بنفسه في غياهب اليم.

 

فقط لابد للانتباه أكثر من المنظمين والساهرين على مهرجان الفيلم الوطني لابد أن يعزز قيم المواطنة والهوية أكثر لمشاهدة أفلام ببصمة مغربية خالصة.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )