المساء اليوم - طنجة: لم يمر وقت طويل على تلك الليلة المشهودة، التي كانت فيها جنبات قصر الثقافة والفنون مسرحا لسلوكات لا أخلاقية ومشينة، حتى جاء سلوك مشين آخر عبر محاولة الإدارة نسف حفل كبير بمناسبة الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء. ففي مساء الجمعة 7 نونبر، كان قصر الثقافة والفنون على موعد مع حفل كبير واستثنائي بمناسبة اليوبيل الذهبي للمسيرة الخضراء، الذي تنظمه مؤسسة طنجة الكبرى، وهو الحفل الذي تمت برمجة موعده منذ شهر غشت الماضي، لكن إدارة هذا "القصر" كان لها رأيا آخر. بداية "الصابوطاج" كان عبر برمجة لقاء مواز في نفس اليوم وفي نفس القاعة، وفي نفس الموعد تقريبا، وهذه حالة نادرة تعكس مدى العبث الذي يطبع إدارة قصر الثقافة والفنون، الذي صار جديرا بأن يحمل اسم "قصر العبث والصابوطاج". النوايا السيئة لإدارة هذا الصرح الذي سقط في يد شبكة من العابثين، تجلت من خلال منح منظمي ملتقى المسرح الجامعي تنظيم حفل ختامي في نفس الأمسية، رغم التحفظ الكبير لمؤسسة طنجة الكبرى، لكن أمام إصرار الإدارة تم الرضوخ للواقع المفروض، بشرط أن تكون القاعة الكبرى متاحة للحفل انطلاقا من الخامسة مساء. لكن، وأمام ذهول الجميع، في الخامسة والنصف مساء كان حفل المسرح الجامعي لم يبدأ بعد، وبدت النية واضحة في كون إدارة قصر الثقافة والفنون كان لها هدف أساسي واضح: نسف الحفل الكبير بمناسبة المسيرة الخضراء، عبر تأخير موعد انطلاقه بعدة ساعات. وكذلك كان، ففي الثامنة والنصف مساء، أي بعد 3 ساعات من الموعد المحدد سلفا، كان حفل المسرح الجامعي شبه منته، وخلاله تمت ممارسة جميع الأساليب لإضاعة المزيد من الوقت وإحداث المزيد من الارتباك لحفل المسيرة، وكل هذا وسط ابتسامات النشوة والنصر لمسيري قصر الثقافة. إذن، حفل المسيرة الذي كان يفترض أن يبدأ في السادسة مساء، ابتدأ في التاسعة والنصف ليلا، وبذلك اعتقد أبطال الصابوطاج أنهم حققوا الهدف، إلى درجة أن المجموعة الفنية الروسية الشهيرة المشاركة في الحفل كانت على وشك الانسحاب. والمثير أن الإدارة أغلقت عمدا عددا من مرافق قصر الثقافة، من بينها المقاعد العلوية، بدعوى عدم التوفر على المفاتيح..! (هذا في حد ذاته فضيحة)، مع أن الحاجة كانت ملحة لفتح كل جنبات القصر لكي يتسع للحضور الكبير، وبينهم عدد مهم من الأجانب والضيوف من خارج المغرب. لكن في الوقت الذي كان فيه مسؤولو إدارة قصر الثقافة والفنون يطلقون القهقهات أمام الجميع بعد اعتقادهم أنهم نجحوا في نسف حفل المسيرة الخضراء، فإن الحفل انطلق فيما يشبه المعجزة، بكثير من التحدي والإصرار من جانب الطاقم الاحترافي لمؤسسة طنجة الكبرى، الذي يشتغل كجسد واحد، وبمنطق واحد.. النجاح ولا شيء غير النجاح، مهما كانت الظروف والصعوبات.. والمقالب. ومن فوق منصة القاعة الكبرى، كان رئيس مؤسسة طنجة الكبرى، عبد الواحد بولعيش، واضحا وصريحا ومباشرا، وقال إن مدير قصر الثقافة والفنون يتحمل مباشرة مسؤولية هذا التأخير ومحاولة نسف الحفل الذي كان يفترض أن يبدأ في السادسة والنصف مساء، وتم حجز القاعة قبل 3 أشهر. وأمام تصفيقات متواصلة للجمهور الحاشد، أضاف بولعيش أن لا شيء سيمنع مؤسسة طنجة الكبرى من إقامة حفل كبير ومتميز بمناسبة ذكرى عزيزة وغالية على قلوب كل المغاربة هي ذكرى المسيرة الخضراء، وفي مناسبة رائعة تؤكد وحدة الأمة المغربية وترسيخ "عيد الوحدة" بعد القرار الأممي الداعم للوحدة الترابية للمملكة. في النهاية مر الحفل بقدر كبير من النجاح، بينما بقيت إدارة قصر الثقافة والفنون، أو إدارة الصابوطاح، بتعبير أصح، تجتر خيبتها مثل شاة جرباء.