مُعاناة المغاربة والأفارقة في أوكرانيا: تمييز عنصري في قلب الحرب

المساء اليوم – متابعات:

لا يزال مئات الطلبة من أصول أفريقية وعربية عالقين بمناطق عبور على الحدود الأوكرانية البولندية حيث يصعب عليهم مغادرة البلاد بعد خمسة أيام من بدء الهجوم الروسي. بعض الطلاب اتهموا السلطات الأوكرانية بالتصرف بشكل “عنصري” والسماح فقط للأوكرانيين بعبور الحدود، لكن وارسو وكييف أكدتا أنهما لا تميزان بين الناس ولا تنظران إلى جنسياتهم.

وتعقدت الأمور على الأوكرانيين والأجانب الذين يحاولون مغادرة أوكرانيا بسبب القصف الروسي المتواصل منذ خمسة أيام. فيما ازداد الضغط النفسي أكثر على الأفارقة والعرب بسبب رفض حرس الحدود الأوكرانيين أن يعبروا إلى بولندا المجاورة حسب شهادات الكثير منهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

البعض قال بأن القائمين على هذه الحدود يسمحون فقط للنساء والأطفال بالدخول إلى بولندا. فيما أكد آخرون بأنهم تعرضوا لتصرفات “عنصرية” من قبل الشرطة التي أجبرتهم على العودة إلى مدينة لفيف الأوكرانية التي تقع على بعد 75 كيلومترا عن بولندا.

باغي سيلا (24 عاما) مواطن من جمهورية غينيا، تعرض إلى تصرف “عنصري” على الحدود الأوكرانية عندما حاول الالتحاق بمدينة كراكوفي البولندية هربا من الحرب. وقال “كنت نائما برفقة أخي الأكبر وسمعت في حدود الثانية صباحا صوت إطلاق كثيف للرصاص في مدينة خاركيف حيث أدرس الطب. في البداية، قررنا مغادرة المدينة لكن تراجعنا عن قرارنا وقلنا يجب قبل كل شيء أن نقيّم الوضع الأمني، لكن بعد ثوان قليلة أدركنا بأن روسيا قد هاجمت أوكرانيا”.

وأمام انهيار الوضع الأمني في خاركيف، قرر سيلا برفقة 8 من زملائه مغادرة المدينة على الفور والتوجه نحو الحدود البولندية التي تقع على بعد 600 كيلومتر. لكنه لم يتوقع أن تغلق السلطات الأوكرانية الأبواب في وجهه.

“بقينا في الطابور لعدة أيام. لكن عندما جاء دورنا لكي نعبر إلى الجهة المقابلة، أوقفنا الحرس على الحدود الأوكرانية وقال لنا حرفيا “الأشخاص السود لن يعبروا إلى بولندا لأن سلطات هذا البلد أخبرتنا بأنها استقبلت أعدادا كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين. في نفس الوقت كنا نشاهد أشخاصا ذوي بشرة بيضاء يعبرون الحدود بدون أية مشكلة”.

تبخرت أمال الشاب باغي سيلا وشعر بالحزن واليأس خاصة أنه قضى أكثر من 30 ساعة على الطريق من أجل الوصول إلى الحدود الأوكرانية البولندية رغم المخاطر وتوقف القطار مرات عديدة على الطريق ووصف تصرف حرس الحدود الأوكرانية بـ “غير العادل واللاإنساني”. وقال “شعرت بالوجع وبعدم الاطمئنان. تركنا المعبر الحدودي وعدنا من جديد إلى مدينة لفيف بحثا عن حل آخر لمغادرة أوكرانيا”. وأضاف “نريد أن نذهب إما باتجاه سلوفاكيا أو هنغاريا، لكن لا توجد قطارات ولا وسائل نقل أخرى. الوضع أصبح حقيقة خطيرا بالنسبة لنا”.

ليس باغي سيلا وحيدا في معاناته. بل مئات أو ربما آلاف المسافرين تدفقوا إلى المحطة المركزية للقطارات بمدينة لفيف بحثا عن تذكرة قد تنقلهم إلى بلد مجاور لأوكرانيا، كرومانيا وسلوفاكيا وهنغاريا أو بولندا.

طلاب مغاربة وأفارقة على غرار الكثير من العائلات الأوكرانية … الجميع يبحث عن طريقة للخروج من أوكرانيا. لكن حركة القطارات تعثرت كثيرا بسبب الحرب حيث تم إلغاء العديد من الرحلات في جميع الاتجاهات، مما صعب أكثر من حياة المسافرين، خاصة الأجانب حيث يقضون لياليهم داخل مبنى المحطة الدافئ بعيدا عن البرد والثلوج التي تساقطت على المدينة والتي عقدت حركة السير. العائلات تفترش الأرض في انتظار أن يأتي أي قطار يأخذهم إلى مكان آمن. لكن العديد منهم ما زالوا ينتظرون بدون أن يجدوا حلا لمغادرة أوكرانيا.

مغربي “نحن نعاني من العنصرية بدون حرب، فما بالك في وقت الحرب

بلال، طالب مغربي يدرس الطب بمدينة بشاروفو الأوكرانية، استطاع أن يصل مع زملائه إلى لفيف. وهو يبحث عن أقرب نقطة حدود ليعبر إلى بر الأمان. لكن الأمر ليس بالسهل بسبب الحرب وقلة توفر وسائل النقل.

وقال بلال “نريد أن نتوجه إلى أقرب نقطة حدودية سواء كانت في سلوفاكيا أو في رومانيا. بصراحة عشنا ثلاثة أيام من الرعب. كنا نسمع بشكل متواصل صوت صافرات الإنذار والغارات الجوية”. فيما دعت السلطات المغربية إلى التنسيق مع السفارات المغربية في أوكرانيا والدول المجاورة لتسهيل عمليات الإجلاء.

وأضاف الطالب المغربي “هناك من حالفه الحظ  وتمكن من الوصول إلى الحدود مع بولندا ولكن لم يسمح له في الأخير من العبور بحجة أن سلطات هذا البلد منحت الأولوية للأوكرانيين والعائلات والأطفال وليس للمغاربة”. وبخصوص العنصرية المحتملة إزاء الأفارقة والمغاربة، قال بلال “نحن نعاني من العنصرية بدون حرب، فما بالك في وقت الحرب”.

منعوني من عبور الحدود “لأني أسود البشرة

نفس الشعور انتاب الشاب مايكل من نيجيريا، الذي فر من مدينة خاركيف حيث يدرس فن الهندسة. لم يتمكن مايكل برفقة صديقته أن يعبر هو أيضا الحدود الأوكرانية. انتظر يومين أمام بوابة العبور لكن عندما جاء دوره ليدخل إلى بولندا رفضت السلطات الأوكرانية أن يدخل أراضي هذا البلد. وعندما سألناه ما هو السبب وراء ذلك، أجاب بعفوية مطلقة “لأني أسود البشرة”.

وأضاف “عانيت من العنصرية. حتى النساء السود لم يتمكنّ من العبور. نفس الشيء بالنسبة للعرب. يتركون فقط الأوروبيين والذين يملكون جوازات سفر أوروبية”. وأضاف: “حرس الحدود الأوكرانية كانوا يضربون الناس بالعصا. شعرت بالحزن. أعتقد كلنا بشر وننتمي إلى الإنسانية جمعاء مهما كان لون بشرتنا”.

وعاد مايكل إلى مدينة لفيف ليقضي ليال عديدة في محطة القطارات بحثا عن تذكرة سفر تسمح له بالدخول إلى هنغاريا أو إلى سلوفاكيا.  لكنه لا يريد الذهاب إلى نيجيريا بل خطط أن يبقى في المجر حتى نهاية الحرب ليعود مرة أخرى إلى أوكرانيا.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )