الكتاب المدرسي.. بين المافْيا والمنتفعين!

المساء اليوم – هيأة التحرير:

قبل أيام قليلة ضبط الأمن في الدار البيضاء شاحنة كبيرة مملوءة بالكتب المدرسية، وقام بمصادرتها واعتقال المتورطين..!

أكيد أن هذا الخبر يثير الكثير من الاستغراب.. فكيف يمكن للكتاب المدرسي أن يصبح مثل الحشيش أو المواد الغذائية الفاسدة.. بحيث تتم مصادرتها واعتقال حامليها..؟!لكن هذه القضية مختلفة قليلا، فالشاحنة كانت تحمل فعلا كتبا مدرسية، لكنها كتب “مزورة”، وكلمة مزورة يعني أن هذه الكتب لا تحمل مقررات جديدة ومختلفة أو أنها جاءت من بلاد بعيدة، بل، فقط، لأنها مقلدة ولم تطبع تحت إشراف مؤلفيها ومروجيها وبائعيها الرسميين.. أي أن عائداتها من المال ستذهب إلى جيوب مختلفة غير جيوب صانعيها.

الخبر مثير، فعلا، لأنه لأول مرة يسمع المغاربة عن كتب مدرسية مزورة، ففي الماضي كانوا يسمعون عن الألبسة المزورة والأجهزة الإلكترونية المقلدة وعن أشياء كثيرة يتم تقليدها وبيعها لأنها مدرة للربح.. للربح الكبير.

إن أخطر ما في هذا الخبر ليس ضبط كتب كمدرسية مقلدة، بل ما وراء الخبر.. وهو أن الكتب المدرسية صارت مدرّة لربح كبير، كبير جدا، مما يجعل مافيا التقليد والتزوير تتخلى عن تزوير الماركات العالمية من ألبسة وأجهزة وتتفرغ لتقليد الكتب الدراسية.

كنا نتمنى، منذ زمان، أن تظل الكتب المدرسية في متناول الجميع، وألا يصبح سعر الكتاب الواحد بسعر نصف خروف، وأن يعمل صناع الكتاب المدرسي على جعله في متناول الفقراء خصوصا من أبناء هذا الشعب، لكن للأسف.. تحول الكتاب المدرسي إلى بضاعة تتنافس من أجلها المافيا.. لسبب بسيط وهو أنه يملأ الجيوب.. يملؤها أكثر من اللازم.

يتذكر المغاربة بكثير من الحنين أيام كان الكتاب الواحد متوارثا بين الإخوة والجيران وأبناء الحي.. حتى يتحول إلى تحفة تاريخية من فرط ما تناولته الأيدي وقرأته الألسن.. واليوم، صار الكتاب المدرسي مثل قطعة شوكولاته صغيرة.. قابلة للأكل من طرف شخص واحد.. فقط لا غير.

نتمنى أن يكون خبر القبض على شبكة لتزوير الكتاب المدرسي درسا للجميع.. للحكومة الجديدة ولصناع الكتاب ولأولياء التلاميذ وللناس عموما.. إنه درس كبير يجب أن نستفيد منه لكي نعيد للكتاب المدرسي قدسيته حتى لا يبقى دجاجة تبيض ذهبا لحفنة من المنتفعين.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )