المساء اليوم أ. فلاح: في حفل يشبه الجنازة، تحول لقاء لحزب الأصالة والمعاصرة بطنجة، مساء الجمعة، إلى واحد من أغرب اللقاءات الحزبية بسبب ما تخللته من متناقضات وغموض ووجوه عابسة وتوتر كبير بين الحاضرين. وكان حزب "الأصالة والمعاصرة" أعلن من قبل أن أمينته العامة، فاطمة الزهراء المنصوري، صحبة قياديين آخرين بالحزب من بينهم كودار وبنسعيد، سيلتقون في مأدبة غذاء بمنزل عمدة طنجة، منير ليموري، من دون ذكر الأسباب، وهو غموض تعود عليه هذا الحزب الذي يوجد عدد من قيادييه في السجن بسبب الفساد وتهريب المخدرات. غير أن المتابعين لما يعرفه حزب الأصالة والمعاصرة مؤخرا من فضائح غير مسبوقة توقعوا أن يكون اللقاء من أجل محاولة إخراج الحزب من برميل القمامة الذي أصبح يقبع داخله، خصوصا بعد تفجر عددا من الفضائح الخطيرة في الحزب خلال الأشهر الماضية. وبدا لافتا أن هذا اللقاء جمع أيضا عددا من منتخبي "البام" بطنجة وتطوان، كما جمع أيضا عددا من "الإخوة الأعداء" داخل الحزب، مثل حضور عادل الدفوف، الذي "تجمعه عداوة متينة" بمنير ليموري. وبدأت هذه العداوة منذ الأيام الأولى التي تلت انتخابات شتنبر 2021، حين احتج الدفوف بشدة على تنصيب "الإسكافي" منير ليموري عمدة على طنجة، فيما تقول مصادر إنه تم خلال اللقاء استعمال عبارات مهينة في حق ليموري مثل "مهرب الجلود"، أو منتحل صفة، في إشارة، ربما، إلى "شارة الطبيب" الشهيرة على سيارة طويوطا. وفي الوقت الذي لم تتسرب فيه معلومات كافية حول ما جرى في "غذاء" البام بمنزل ليموري، فإن هناك احتمالين اثنين، وهو أن تكون قيادة البام طالبت من ليموري البحث عن حلول للورطات الخطيرة التي تسبب فيها للحزب، أو أن هذا اللقاء كان من أجل العوة إلى زمن الجاهلية ورفع شعار 'أنصر أخاك ظالما أو مظلوما". وكانت المحكمة الابتدائية بطنجة أدانت مؤخرا المدعو حسن المزدوجي، عضو الكتابة الإقليمية لحزب الأصالة والمعاصرة والمستشار الخاص بعمدة طنجة، بسنتين ونصف سجنا نافذا، بعد اقتراف جرائم خطيرة عبر السب والقذف والتشهير والتهديد والابتزاز بإشراف مباشر من العمدة، بالإضافة إلى تورطه في فضيحة دفع شيك بدون رصيد بأوامر مباشرة من العمدة منير ليموري ومعرفة مؤكدة من المنسق الجهوي عبد اللطيف الغلبزوري، مع تهم أخرى خطيرة تتعلق بتشويه صورة السياحة المغربية ومهاجمة مؤسسات اقتصادية وطنية. ووفق المعلومات الشحيحة التي تسربت حتى الآن من اللقاء، فإن فاطمة الزهراء المنصوري حاولت المزج بين الترهيب والترغيب، وطلبت من ليموري إخراج الحزب من الورطات التي تسبب فيها، كما قدمت له دعم الحزب وطمأنته بأنها ستقف "سدا منيعا أمام الإجراءات القانونية" التي تهدف إلى عزله ومتابعته بسبب تهم أخرى خطيرة متعلقة برخص ووثائق مخالفة للقانون تورط العمدة في تسليمها لمقاولين مشبوهين وقضية عمولات محتملة. ولم يمر "حفل الغذاء" من لحظات جنائزية، حيث لوحظ وجوم كبير على الحاضرين الذين لم يحيوا بعضهم البعض، وبعضهم حضروا اللقاء مرغمين، خصوصا وأنه تم في منزل ليموري، الذي يصفه الكثير من أعضاء الحزب بأنه "شخص مقرف وغير كفؤ ولا يستحق الاحترام". ووفق مصادر "المساء اليوم" فإن المنصوري كان لها لقاء خاص، رأسا لرأس، مع ليموري، لكي تحصل منه على معلومات حصرية حول الملفات الخطيرة التي تهدد بعزله ومحاسبته، وهناك احتمال كبير بأن تكون قد سألته أيضا عن موضوع "امرأة البراق"، وهي امرأة تتنقل أسبوعيا من الرباط إلى طنجة عبر القطار السريع وتجد في خدمتها مرافق وسيارات تابعة للجماعة الحضرية لطنجة، حيث تمضي ليلة في طنجة ثم تعود إلى العاصمة. وتضيف هذه المصادر أن المنسق الجهوي للحزب بجهة طنجة، عبد اللطيف الغلبزوري، حاول مغادرة اللقاء قبل نهايته، خصوصا مع تلميح بعض الحاضرين إلى ضعف كبير للمنسق الجهوي وضرورة اختيار منسق جهوي جديد تتوفر فيه الشروط المطلوبة لهذا المنصب, بعد أن صار الغلبزوري ألعوبة في يد ليموري وعصبته. وفي انتظار ظهور المزيد من المعطيات حول هذا اللقاء الذي يصفه البعض ب"الغذاء الجاهلي"، فإن هناك أياما عصيبة لا تزال تنتظر حزب الأصالة والمعاصرة، سواء على مستوى الشمال أو على المستوى الوطني، في ظل ضعف مزمن لقيادته واستفحال الخلافات القوية بين رؤوسه الكبيرة ووجود عدد من قادته في السجن بفعل الاتجار في المخدرات والكوكايين.