بعد تحريك المتابعة: محمد السيمو.. ظاهرة سياسية أمام امتحان الاستمرار أو النهاية

المساء اليوم ح. اعديل:

خلال الأسابيع التي تلت قرار قاضية التحقيق بمحكمة الاستئناف بالرباط، لبنى لحلو، بمتابعة وحجز ممتلكات البرلماني ورئيس بلدية القصر الكبير، محمد السيمو، عن حزب التجمع الوطني للأحرار، كان هذا الأخير يتصرف بهدوء مثير للاستغراب، وأبان عن برودة دم ملفتة، بل إنه ظهر في صور وفيديوهات كثيرة وهو يترأس أنشطة سياسية وحزبية، ومعه قادة من حزبه، إلى درجة أن كثيرين اعتقدوا أن المتابعة ضده لم تكن سوى سحابة صيف عابرة.

غير أن راحة البال للمعلم السيمو لم تدم طويلا، حيث خرجت القضية ضده من سباتها الشتوي، واستمعت قاضية التحقيق، الأربعاء، إلى الشهود الثلاثة في قضيته، التي يتابع فيها بتهمة تبديد المال العام، رفقة 12 من موظفي الجماعة.

ويتابع السيمو بتهم متعلقة بجرائم “اختلاس وتبديد أموال عامة والمشاركة في تلقي فائدة في عقد بمؤسسة عامة يتولى إدارتها والإشراف عليها”، فيما يتابع آخرون بتهمة “المشاركة في اختلاس وتبديد أموال عمومية”.

وتبدو قضية السيمو مزيجا من صراع سياسي وتسيير غامض وتحالفات عائلية، وأغلب خصومه من حزب “العدالة والتنمية”، حيث استمعت قاضية التحقيق إلى مستشار في حزب بنكيران بالقصر الكبير، وشاهدين آخرين، وكلهم كانوا وراء الشكايات التي رفعت ضد السيمو ومن معه.

ويوصف السيمو بأنه جلاد حزب العدالة والتنمية بالقصر الكبير، حيث استطاع أن يكسر هيمنة الحزب الإسلامي على المنطقة، بل إنه حصد أصواتا قياسية خلال انتخابات شتنبر 2021.

وينظر الرأي العام في المنطقة إلى محمد السيمو كظاهرة سياسية وشخصية متفردة، رغم تعليمه المتواضع الذي يلامس الأمية، لكنه استطاع تكوين ثروة بدأت من مهنته الأولى كمساعد خياط ثم خياط محترف للجلاليب التقليدية، قبل أن ينتقل إلى مجال العقار الذي جمع فيه ثروة معتبرة وضعته ضمن مصاف “الأعيان التقليديين”.

ورغم ارتباط السيمو بمدينة القصر الكبير، إلا أنه ابن ضواحي مدينة شفشاون، حيث لا تزال لكنته الجبلية العميقة مهيمنة على لسانه، عكس أغلب سكان القصر الكبير، الذين تختلط في ألسنتهم لهجات ولكنات متضاربة، وذلك لأسباب تاريخية وجغرافية وعرقية.

وخلق السيمو، خلال مسيرته السياسية أكثر من حدث، كان من بينها استضافته للنجم المغربي، أشرف حكيمي، في مدينة القصر الكبير، وخلالها كان السيمو هو النجم الحقيقي، بسبب سلوكاته المثيرة.

كما أن السيمو لديه نزعة طفولية نحو الأضواء، ويمكن أن تجده في أكثر من مكان في وقت متقارب، وليس لديه أي تهيب من مواجهة الجمهور أو الكاميرات، ويجد متعة كبيرة في تدخلاته البرلمانية التي تعرض على شاشة التلفزيون، والتي تثير فضولا كبيرا بين البرلمانيين، وحتى بين المشاهدين العاديين.

وظل السيمو وفيا لمنطق “اللهم ارحمني”، حيث وظف أبناءه وأقرباءه وأصهاره في مناصب معتبرة، من بينهم ابنه الأستاذ الجامعي، وابنته التي تسير خلف خطى والدها في السياسة، إضافة إلى أقرباء وأصهار يحتمون بظل “السيمو الأكبر” في الكثير من مناصب المسؤولية.

وفي حال خرج السيمو سالما من هذه المتابعة، فإنه من الأكيد أنه سيستمر على نفس النهج، فهو ليس من طينة “المتغيرين”، كما أنه يحظى بتعاطف نسبي في قيادة حزبه، والشيء الوحيد الذي يمكن أن يغيره هو أن تقضي المتابعة القضائية ضده على مسيرته السياسية بشكل كامل.

 

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )