حرب مزارع الأسماك تندلع بين الرباط ومدريد.. وتهريب الأخطبوط ينهك المخزون المغربي

المساء اليوم – ح. اعديّل:

تعيش العلاقات المغربية الإسبانية لعبة كر وفر، بحيث لا تكاد تنتهي أزمة حتى تبدأ أخرى، آخرها قضية مزرعة السمك قرب الحدود الجعفرية، ومؤخرا طفت على السطح أزمة أخرى مرتبطة أيضا بالبحر، وتتعلق بإقامة مزارع إسبانية خاصة بتربية الأخطبوط، وهو ما يمكن أن يوجه ضربة قوية لصادرات الأخطبوط المغربي نحو بلدان الاتحاد الأوروبي.

ووفق ما ذكرته مصادر إعلامية إسبانية، فإن شركة صيد عملاقة في إسبانيا (PESCANOVA) تعمل حاليا على إقامة مزارع بحرية ضخمة لتربية الأخطبوط وتصديره، وهو الذي يحظى بجاذبية غذائية كبيرة، سواء في إسبانيا أو بلدان الاتحاد الأوربي وباقي بلدان العالم.

ووفق المصادر نفسها فإن المغرب يدرك أن صادراته الكبيرة من الأخطبوط، نحو إسبانيا بالضبط، ستصبح مهددة في الصميم خلال السنوات المقبلة، بعد إقامة الشركة الإسبانية (PESCANOVA) لمزارع الأخطبوط، وسيكون على المغرب، قريبا، البحث عن أسواق أخرى، بدل الأسواق الإسبانية التي يوجه لها المغرب حوالي 80% من صادراته من الأخطبوط.

وتضيف هذه المصادر أنه من المرتقب أن يبدأ تصدير “أخطبوط المزارع” بداية من منتصف السنة المقبلة 2022، وأن هذا ما سيربك الصادرات المغربية من هذه المادة، التي تعتبر المحرك الحيوي للصادرات المغربية من الكائنات البحرية نحو إسبانيا والاتحاد الأوربي.

من جهتها قالت صحيفة (La Información) الإسبانية، إن المغرب كان على وعي بالمنافسة القوية التي ستطرحها مزارع السمك الإسبانية مستقبلا، وأيضا ما تطرحه من مخاطر كبيرة على صادراته البحرية، لذلك استبق الوضع عبر إقامة عدد من مزارع الأسماك، وإحداها تلك التي أقيمت على مقربة من الجزر الجعفرية القريبة من مدينة مليلية، والتي أثارت احتجاجا إسبانيا قويا على اعتبار أنها أقيمت في “المياه الإسبانية”.

ووفق الصحيفة الإسبانية فإن استراتيجية الصيد البحري في المغرب تعتمد بشكل شبه كامل على التوجيهات الحكومية، وأن المغرب لا يريد أن تستبقه الأحداث في هذا المجال، ويريد أن يستغل مياهه الإقليمية بشكل كامل من أجل الحفاظ على قوته التصديرية في هذا المجال عبر إقامة العشرات من مزارع استنبات الأسماك، حتى لو كلفه الأمر نزاعات جديدة مع إسبانيا بخصوص حدود المياه البحرية.

وتضيف (La Información) أن إعلان المغرب عن إقامة 25 مشروعا لمزارع الأسماك أعادت العلاقات الدبلوماسية بين الرباط ومدريد إلى نقطة الصفر، وهي علاقات تعرف توترا غير مسبوق منذ أشهر، بعد استقبال مدريد لزعيم البوليساريو، إبراهيم غالي، شهر أبريل الماضي بطريقة سرية، للاستشفاء من فيروس “كورونا” في إحدى مستشفيات مدينة “لوغرونيو” بشمال البلاد.

ومن المقرر أن يتم تثبيت مزارع اسماك أخرى جديدة على بعد حوالي 1800 متر من البر المغربي، على مقربة من مليلية، في منطقة بحرية، تقول مصادر إسبانية، إنها تعرف مرورا مكثفا للناقلات البحرية ما بين ميناء مليلية وموانئ شبه الجزيرة الإيبيرية. ويصدر المغرب سنويا أزيد من 600 ألف طن من الأسماك المتنوعة، خصوصا نحو إسبانيا، بما يوفر عائدا يقارب ملياري دولار، بحيث تشكل مداخيل الصادرات البحرية أزيد من 2 في المائة من الدخل الخام السنوي للمغرب.

كما يشير خبراء إلى أن كمية كبيرة من الأسماك المغربية، على رأسها الأخطبوط، يتم تهريبها نحو الأسواق الإسبانية والأوربية، وتطرح في الأسواق على أنها منتوج إسباني خالص، بينما يجري تهريبها في أعالي البحر من بواخر صيد مغربية أو أجنبية، ويتم تحويل عائداتها إلى الخارج من دون أن تستفيد منها الخزينة المغربية، وأن المستفيدين من هذا التهريب هم أشخاص نافذون في المغرب، ويحرمون خزينة الدولة من مبالغ كبيرة، كما يساهمون في ضرب المخزون السمكي للمغرب.

ووفق خبراء فإن المخزون السمكي للمغرب، الذي كان متوفرا بغزارة، خصوصا الأخطبوط، صار يعرف نقصانا متلاحقا في السنوات الأخيرة، وبالضبط في المناطق الجنوبية للمغرب الممتدة من الصويرة حتى جنوب الداخلة، وأن هذا ما دفع المغرب إلى توفير مصادر جديدة للأسماك، عبر إقامة مزارع بحرية يمكنها أن تعوض النقص المتواصل للثروة البحرية في المياه المغربية.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )