المساء اليوم - حسنية أسقال: طالب محمد الصديق معنينو، أحد قيدومي الصحافيين المغاربة المؤسسين للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة فيصل العرايشي، بفتح بحث حول ما اعتبره "تلاعبا واعتداء" طال التصريحات التي أدلى بها لفائدة برنامج تلفزيوني بالقناة الأولى بمناسبة الذكرى الـ60 لتأسيسها. وأكد معنينو أن تصريحاته ببرنامج "نقطة إلى السطر"، الذي تعده وتقدمه الإعلامية صباح بنداوود، "خرجت عن نطاقها الأصلي الذي تم تسجيله، وأن المسؤولين في القناة قدموا حلقة للمشاهدين فيها تزوير وتتضمن مسا بكرامته ومصداقيته، مُنتقداً طريقة إدارة مؤسسة التلفزة المغربية، قائلاً إن "المُشرفين على القناة لديهم اقتناع بأن من حقهم أن يراقبوا ما يقدم للشعب المغربي وأنهم أوصياء وأولياء على النظارة وهم الذين يعرفون ماذا يمكن للمتابعين أن يشاهدوه ويسمعوه". واستناداً لتسجيل صوتي لمعنينو، توصلت به "المساء اليوم"، فإن "القناة الأولى كانت قد وجهت دعوة لمحمد الصديق معنينو بمناسبة الذكرى الـ60 لتأسيسها، من أجل المشاركة في برنامج تحت مسمى (نقطة إلى السطر)، وقد تم تسجيل هذا البرنامج باستوديو القناة الإثنين الماضي، وتم بث الحلقة مساء يوم الثلاثاء 1 مارس الجاري. وأوضح معنينو أنه تفاجأ بأن الحلقة التي "تم تسجيلها لم يتم بثها، وأن الحلقة التي عرضت طالها مونتاج وحذف وتزوير، حيث تم حذف جميع الاقتراحات وجميع الانتقادات التي وجهها معنينو للتلفزة المغربية، بعد أن طالها مقص الرقيب، حيث بُترت التصريحات النقدية التي جاءت على لسانه من الحلقة، وتُركت في المقابل كلمات الثناء والشكر التي خصّ بها التلفزة". وانتقد معنينو الحلقة التي تم بثها، وقال "أرادوا أن يُسوّقوا للتلفزة المغربية وكأنها وصلت إلى درجة الكمال وأنها أحسن تلفزة في العالم العربي وأنها الوحيدة التي لها مصداقية"، مطالباً القيمين على التلفزة الرسمية، وعلى رأسهم العرايشي، بضرورة، "قبول الرأي الآخر، وإعادة تقييم الوضعية بعد 60 سنة، إذ لا بد من الاستماع إلى الناس وإلى اقتراحاتهم وانتقاداتهم". وأضاف "لقد وقع عدوان على الحلقة وتم غسلها وتنقيتها بطريقة بليدة ومتخلفة، إذ جميع ما قيل تم حذفه ليظهر في الحلقة كما لو أني جئت لأقول لهم أنتم بلغتم القمة في التلفزة وأنكم حققتم إنجازات"، واصفاً ما حدث بـ"الفعل والتعامل البليد، والتخلف في التفكير الذي لازال مُعششا في التلفزة المغربية"، وتأسف على أنه في الذكرى الـ60 للتلفزة يقع هذا المونتاج، الذي وصفه "بالسخيف والدنيء وهذا التعامل غير المبرر مع أفكار بسيطة عادية تمرر في كل تلفزيونات العالم". وأردف معنينو "التوصيات التي تحدثت عنها كانت بسيطة للغاية، ولا تستدعي استعمال مقص الرقابة، وكلها همّت طريقة تطوير عمل الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة من أجل الحفاظ على قاعدة المتابعين الأوفياء في ظل المنافسة المحمومة"، مشيراً إلى أنه من ضمن التوصيات "كانت توصية تهم إيفاد المراسلين إلى أهم العواصم العالمية لتتبع تطورات الأحداث الدولية، والثانية ترتبط بغياب موفد للقناة الأولى خلال الأزمة الأوكرانية التي تهمّ المغاربة نظرا لوجود طلاب وجالية مهمة بهذا البلد". أما التوصية الثالثة، فأوضح معنينو أنها "تتعلق بالقيام بنقد ذاتي يهمّ مستوى التكوين البشري، والتوصية الرابعة لها صلة بجلب نجوم تلفزيونيين معروفين لتنشيط بعض البرامج المهمة"، منتقداً حال التلفزة، "فتقديم النشرة الجوية ما زال نفسه منذ أول نسخة قدمناها سنة 1965"، ومُنبها في الوقت ذاته، إلى "المنافسة القوية من قبل الفضائيات العربية والدولية في تقديم المنتوج الإخباري". ولقيت تصريحات معنينو بشأن التزوير الذي طال تصريحاته صدى واسعا بين المهتمين، وبين عموم المغاربة، الذين اعتبروها غيضا من فيض خبايا دار البريهي"، التي يتوهم مسؤولوها أنها "تلفزة المغاربة"، فيما المغاربة في واد ومؤسستهم الإعلامية في واد آخر. فبخلاف "شعار العام زين" الذي ما زال العرايشي مُصراً على "تطبيقه"، فإن الإدارة الفاشلة والجمود في مواكبة التطور الذي يشهده القطاع الإعلامي في العالم، دفعت المغاربة للبحث عن بديل آخر مُتجدد ومواكب للأحداث في القنوات العربية والدولية، رغم إصرار استطلاعات الرأي الرسمية على تضخيم نسب مشاهدة القنوات المغربية، كأن يقول العرايشي، إن الأرقام المسجلة في القطاع السمعي البصري، جعلت من الإعلام العمومي في المغرب "قويا" بالمقارنة مع نظيره في المنطقة العربية والأوربية، وهو أمر يبدو لأي مواطن مغربي، "كِذباً مفضوحاً". ويرى المغاربة أن ما حدث في برنامج صباح بنداوود عينة صغيرة مما يحدث منذ سنوات في "مؤسسة دار البريهي"، من غياب للاحترافية المهنية والمسؤولية الأخلاقية والكفاءة الإعلامية، ليحل بدلها المحسوبية والولاءات الشخصية والمهنية الزائفة، فبن داوود التي شارفت على التقاعد تمت ترقيتها قبل أشهر، وهو الأمر الذي أثار استغراب العديدين داخل "مؤسسة العرايشي"، حيث ربط البعض بين الترقية وكون بنداود عضو بلجنة الانتقاء ولمدة 6 سنوات، رغم أن دفتر تحملات الإنتاج الذي وضعه مصطفى الخلفي وزير الاتصال الأسبق، يقول في ما معناه أن أعضاء اللجنة المذكورة يُمدد لهم سنة واحدة تنضاف إلى سنتين، أي ثلاث سنوات في المجموع. ويبدو أن السياسة المُتبعة في مؤسسة دار البريهي، تعترف بالولاءات ولا تقبل رأياً يخالف رأيها، فالمُتحكمون في رقابها هم من يملكون قرار تسليط الأضواء على من يوالونهم، بينما يحاصرون من يخالفونهم الرأي، غير آبهين بغضب المشاهد المغربي، الذي مَلّ من تلفزة عقيمة ولّى عليها الزمن، وبرامج أقل ما يُقال عنها إنها تافهة جدا وتستنزف ميزانية المؤسسة، التي تتغذى من جيوب المواطنين، مما دفع المشاهد المغربي إلى البحث عما يُلامسه في قنوات عربية ودولية، بعدما "أسَرهُ" العرايشي في شعار "العام زين"، الذي يبدو شبيها بشعارات روسيا الستالينية. asekkal@almassaa.com