المساء اليوم – متابعة: يترقب العالم كله الأوضاع الخطوة الروسية بأوكرانيا في قلق، فيما يجرى تداول تقارير استخباراتية عن تحركات جديدة للروس بعد التفاؤل الذي ساد مؤخرًا بعد إعلان روسيا عن انسحاب بعض قواتها عائدةً أدراجها إلى قواعدها الدائمة. مجلة (Foreign Policy) الأميركية نشرت تقريرًا يكشف حصول الولايات المتحدة على معلوماتٍ استخباراتية تفيد بأن روسيا قد تستهدف المعارضين السياسيين البارزين ونشطاء مكافحة الفساد والمعارضين البيلاروسيين والروس الذين يعيشون في المنفى إذا ما مضت قدمًا في خططها لغزو أوكرانيا. وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد حذَّر يوم الخميس من أن التهديد بحدوث الغزو الروسي المتجدد للبلاد لا يزال "مرتفعًا جدًّا" ويمكن أن يحدث في غضون الأيام العديدة المقبلة. التقرير الذي أعدته كل من إيمي ماكينون، مراسلة الأمن القومي والاستخبارات، وروبي جرامر، مراسل شؤون الدبلوماسية والأمن القومي، وجاك ديتش، مراسل وزارة الدفاع والأمن القومي، نقل عن مصادر مطلعة بالاستخباراتية الأميركية قولهم إن روسيا أعدت قوائم بشخصيات سياسية أوكرانية وأفراد بارزين آخرين ليجرى استهدافهم إما بالاعتقال أو الاغتيال في حالة هجوم روسي على أوكرانيا. وخفَّضت واشنطن سرية معلوماتها الاستخباراتية فيما يتعلق بالتهديدات الموجَّهة إلى جماعات معينة داخل أوكرانيا لمشاركة هذه المعلومات مع مسؤولي الحكومة الأوكرانية وشركاء آخرين في المنطقة ترى أنهم في وضع يُمكِّنهم من المساعدة، حسب المصادر، مشيرة إلى أن روسيا "ستحاول فرض التعاون من خلال الترهيب والقمع". وحسب تقرير (Foreign Policy) فإن "هذه الأعمال، التي تضمنت أثناء العمليات الروسية السابقة عمليات القتل المستهدف، والاختطاف/الاختفاء القسري، والاعتقال، واستخدام التعذيب، من المرجَّح أن تستهدف أولئك الذين يعارضون الإجراءات الروسية، بما في ذلك المنشقون الروس والبيلاروسيون في المنفى في أوكرانيا، والصحافيون ونشطاء مكافحة الفساد، والفئات السكانية الضعيفة مثل الأقليات الدينية والعِرقية ومجتمع الميم". الطابع الرسمي لقوائم الاعتقالات والاغتيالات وكشف التقرير أن إدارة بايدن صُدِمت بمدى إضفاء "الطابع الرسمي على القوائم"، والتي يبدو أنها تستهدف أيَّ شخص يمكنه تحدي الأجندة الروسية. كما قام شركاء المخابرات في (العيون الخمس) أو (Five Eyes)، وهو تحالف استخباراتي يضم الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وكندا، وأستراليا، ونيوزيلند، بتتبَّع وكالات الاستخبارات الروسية، مثل "جهاز الأمن الفيدرالي الروسي" (إف إس بي)، و"الاستخبارات العسكرية الروسية" (جي آر يو)، وهي تضَع قوائم الأهداف والقتل. وتُعد هذه التحركات،حسب المجلة الأميركية، نموذجية في العقيدة الروسية، حيث تُستخدَم القوات المسلَّحة للاستيلاء على أهداف عسكرية، بينما تشكِّل القوات الخاصة الصراع ويأتي عملاء المخابرات إلى البلاد للتخلص من عناصر المعارضة، خصوصاً المعارضين من روسيا وبيلاروسيا، حيث دفعت حملة قمع وحشية ضد المعارضة في أعقاب الاحتجاجات الجماهيرية في عام 2020 كثيرين إلى الفرار إلى أوكرانيا المجاورة، واجهوا تحدياتٍ خاصة عندما اضطروا إلى الفرار من البلاد. وعلى عكس المواطنين الأوكرانيين، فهم يحتاجون إلى تأشيرات للسفر إلى الدول الأخرى في أوروبا. وكانت روسيا قد حشدت حوالي 150 ألف جندي بالقرب من حدود أوكرانيا، ظاهريًّا لإجراء مناورات عسكرية مشتركة مع القوات العسكرية لبيلاروسيا، ونفَت موسكو بشدة أن يكون لديها أي خطط لغزو أوكرانيا، واتَّهمت الغرب باختلاق الأزمة. وفي الوقت الذي تثير فيه الولايات المتحدة وأعضاءٌ آخرون في الناتو مخاوف من غزوٍ محتمل، قلل رئيس أوكرانيا زيلينسكي من أهمية التهديد في الأسابيع الأخيرة، وأصرَّ على أن الغزو غير مرجَّح، وأن واشنطن لا تساعد في نزع فتيل الأزمة، بل تعمل على إذكاء القلق. صورة مفصَّلة ومُقلِقة للغزو المحتمل وفي حديثه خلال اجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الخميس، رسم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين صورة مفصَّلة ومُقلِقة لما يمكن أن يبدو عليه الغزو الروسي لأوكرانيا، بدءًا من خلق ذريعة زائفة للغزو وعقد الحكومة الروسية لاجتماعاتٍ طارئة لمعالجة الأزمة المصطنعة. وأشار بعض المسؤولين الغربيين إلى مزاعم روسيا الجديدة بأن القوات العسكرية الأوكرانية ترتكب "إبادة جماعية" ضد السكان الناطقين بالروسية في دونباس، باعتبارها الذريعة الكاذبة المحتملة – وهو ادِّعاء يرفضونه باعتباره زائفًا تمامًا. وقال بلينكين، "بعد ذلك من المقرر أن يبدأ الهجوم. ومن ثم تسقط الصواريخ والقنابل الروسية عبر أوكرانيا. وسيجرى تشويش الاتصالات، وستؤدي الهجمات الإلكترونية إلى إغلاق المؤسسات الأوكرانية الرئيسة". وبعد ذلك، قال إن الدبابات والجنود الروس "سيتقدمون نحو أهداف رئيسة جرى تحديدها بالفعل ورسْمَها في خططٍ مفصَّلة. ونعتقد أن هذه الأهداف تشمل.. عاصمة أوكرانيا، كييف، وهي مدينة يبلغ عدد سكانها 2.8 مليون نسمة". وفي خطابه ألمح بلينكن بإيجاز إلى أن المخابرات الأميركية أشارت إلى أن روسيا ستستهدف المعارضين السياسيين بالاعتقال أو الاغتيال، "والهجمات التقليدية ليست هي كل ما تخطط روسيا لشنِّه على شعب أوكرانيا. إن لدينا معلومات تشير إلى أن روسيا ستستهدف مجموعات محددة من الأوكرانيين". خطط لنقل المدنيين الى روسيا وكان الانفصالييو المدعومون من روسيا في شرق أوكرانيا قد أعلنوا يوم الجمعة عن خطط لإجلاء المدنيين إلى روسيا، متَّهمين الحكومة الأوكرانية بالتخطيط لشن هجوم على المنطقة، الأمر الذي نفاه وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا نفيًا قاطعًا، واصفًا تلك المزاعم بأنها تضليل روسي. فاستنادًا إلى مقابلات مع عديد من كبار مسؤولي المخابرات الأوكرانية، فأجهزة الأمن الروسية متغلغلة بصورة موسعة في هياكل الحكومة المحلية الأوكرانية، وبدأت في تحديد شبكات من الأفراد الذين يمكن الاعتماد عليهم لإدارة الحكومات المحلية في حالة حدوث غزو روسي. وفقًا للتقرير، فقد بدأت المديرية التاسعة لجهاز "إف إس بي" سيناريوهات المناورات في دجنبر الماضي مع قيادة القوات الروسية المحمولة جوًّا، حيث "قاموا معًا بتحديد السكان المحليين الذين سيكونون داعمين (للغزو)، وبدأوا العمل على قوائم الأهداف التي لن تكون داعمة. وكان القصد من ذلك إقامة روابط القيادة والسيطرة بين الأصول الاستخباراتية والوحدات العسكرية لتأمين البنية التحتية الحيوية والمباني الحكومية، وتحديد مواقع القادة الأوكرانيين الذين سيحشدون المقاومة والقضاء عليهم". إن التحذير لأوكرانيا وحلفاء آخرين بشأن خطة روسيا المحتملة لاستهداف المعارضين السياسيين يتماشى مع قواعد اللعبة الجديدة لواشنطن المتمثلة في رفع السرية بسرعة عن المعلومات الاستخباراتية الحسَّاسة للكشف عن تحركات موسكو قبل القيام بها. إذ وفقًا لكبار الدبلوماسيين الأميركيين ومسؤولي المخابرات السابقين، هناك أمل في أنه من خلال الكشف عن تحركات بوتين، قبل أن يقوم بها، وإزالة أي عنصر من عناصر المفاجأة، يمكن أن يساعد ذلك في ردع الغزو.