مريم العبوتي لقد حان الوقت لإعادة النظر في بعض الأفكار الموروثة التي تعكس الثقافة أكثر مما تعكس جوهر الدين الحقيقي. في المغرب، على سبيل المثال، تُدار المساجد تقليديًا من قبل مجموعة من الرجال الذين يشكلون جمعيات مسؤولة عن إدارتها، حيث يشرفون على النظافة، ويضمنون رواتب الأئمة، وينظمون الأنشطة الدينية. وغالبًا ما تكون هذه المجالس حكرًا على الرجال فقط. ومع ذلك، هناك نموذج ناجح في المغرب يتمثل في دور "المرشدة" (الداعية الدينية)، حيث تلعب هؤلاء النساء دورًا حيويًا في التعليم الديني للنساء والفتيات، ويقدمن التوجيه الروحي والنصح في مسائل الدين. كما يقدمن محاضرات ويتلقين تدريبًا متخصصًا في معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين الدينيين. بفضل هذا النظام، أصبح للمرأة دور نشط ومعترف به داخل المجال الديني. أما في إسبانيا، فيقتصر دور المرأة في المساجد والمراكز الإسلامية بشكل رئيسي على تدريس اللغة العربية والتربية الإسلامية للأطفال، أو تحضير الطعام خلال شهر رمضان، مثل حساء "الحريرة" التقليدي. ولا نجد نساءً في إدارات المساجد أو في منظمات مثل "الثمتيليات الإسلامية". comunidad islámica وهذا يطرح تساؤلًا مهمًا: إذا كان نموذج المرشدات في المغرب قد أثبت فعاليته، فلماذا لا يتم تبني نهج مماثل في إسبانيا؟ لماذا لا يُسمح للمرأة بأن تلعب دورًا أكثر نشاطًا في إدارة المراكز الإسلامية، وفي تخطيط البرامج الدينية والاجتماعية، والمشاركة في اتخاذ القرارات داخل هذه المؤسسات؟ إن التغيير يبدأ عندما نشكك في هذه القواعد غير المكتوبة، ونمنح المرأة الفرصة للمساهمة بشكل حقيقي يتجاوز الأدوار التقليدية التي حُددت لها مسبقًا. نحو برامج أكثر شمولًا للنساء والشباب في المساجد لقد حان الوقت لتطوير برامج مخصصة للنساء في المساجد والمراكز الإسلامية، تتضمن التكوين الديني، والاستشارات الأسرية، والإرشاد في مسائل العقيدة. فالنساء غالبًا ما يشعرن براحة أكبر عند مناقشة القضايا الأسرية والشخصية مع نساء أخريات مؤهلات في المجال الديني وحاصلات على تدريب متخصص. إن وجود داعيات ومرشدات في المساجد من شأنه أن يضمن تلبية هذه الاحتياجات بطريقة مهنية ومنظمة. بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما يتم استبعاد الشباب من الفضاءات الدينية، حيث لا توجد برامج تجذبهم أو أنشطة تتجاوب مع تطلعاتهم. وكنتيجة لذلك، يلجأ العديد منهم إلى الإنترنت بحثًا عن إجابات، مما يعرضهم لخطر الوقوع في معلومات مغلوطة أو حتى تفسيرات متطرفة للإسلام. لذلك، من الضروري أن يهتم الأئمة والقادة الدينيون بالشباب في خطبهم وبرامجهم، وأن يقدموا مبادرات تفاعلية تعالج قضاياهم بأسلوب متوازن ومبني على المعرفة الصحيحة. يجب أن تصبح المساجد أماكن مرحبة بالشباب، بدلًا من أن تُنظر إليها على أنها أماكن مخصصة لكبار السن فقط. إن تطوير هذه البرامج لن يفيد النساء والشباب فحسب، بل سيعزز دور المساجد كمراكز للتعلم والتعايش، مما يساعد في نشر إسلام أكثر انفتاحًا وشمولية، ومتجاوبًا مع احتياجات الجالية المسلمة في إسبانيا. من أجل تمثيل المرأة في إدارة المساجد والمراكز الإسلامية لطالما كنت مؤمنة بأن المرأة يجب أن يكون لها دور نشط في إدارة المساجد والمراكز الإسلامية والجاليات المسلمة في إسبانيا. فوجود المرأة في المجالس الإدارية لن يثري النقاش ويُدخل تنوعًا في وجهات النظر فحسب، بل سيجعل مؤسساتنا أكثر عدلًا وشمولية. إسبانيا بلد يقوم على مبادئ الديمقراطية والمساواة في الحقوق، كما أن القوانين الخاصة بالجمعيات تنص على ضرورة تحقيق تمثيل متوازن بين الرجال والنساء داخل المؤسسات. وبالتالي، لا يوجد أي عائق قانوني يمنع النساء من أن يكنّ جزءًا من إدارة المساجد والمراكز الإسلامية. ومع ذلك، على أرض الواقع، لم تتحقق هذه المساواة بعد في العديد من المساجد. من الضروري ألا يكون للمرأة مجرد صوت داخل الجالية المسلمة، بل أن يكون صوتها مسموعًا ومؤثرًا في اتخاذ القرارات. إن مشاركتها النشطة في إدارة المراكز الإسلامية سيساعد في تطوير برامج أكثر شمولية، وتحسين فرص التعليم الديني، وخلق بيئات يشعر فيها كل من النساء والشباب بأنهم ممثلون ومأخوذون بعين الاعتبار. لا يتعلق الأمر بمسألة "تحديث"، بل هو مسألة عدالة وإنصاف. فإذا كان الإسلام يعترف بدور المرأة في المجتمع، فلماذا لا ينعكس ذلك في مؤسساتنا الدينية في إسبانيا؟ لقد حان الوقت لتحقيق هذا التغيير، وأن تكون مساجدنا مرآة للقيم الإسلامية الحقيقية القائمة على المشاركة والعدالة والاحترام لجميع الأصوات داخل المجتمع.