تأجيل القمة العربية بالجزائر.. مخرج جيد في ظل ملفات خلافية كثيرة وعميقة

المساء اليوم – متابعة:

من المرتقب أن يتم إعلان تأجيل القمة العربية وذلك بعد تصريح مساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية حسام زكي، الأربعاء، حيث قال إن القمة “لن تُعقد قبل شهر رمضان الذي سيحلّ على الأمة الإسلامية مطلع أبريل المقبل، وأنه سيتم الإعلان عن موعد القمة خلال اجتماع وزراء خارجية الدول العربية المقرر عقده في مقر الأمانة العامة بالقاهرة في 9 مارس المقبل”، ما يعني عقدها أواخر شهر ماي أو مطلع يونيو المقبلين.

مصادر دبلوماسية قالت إن الجزائر لم تعد تعد متحمسة لاستقبال القمة، بعد فشل كافة الجهود التي بذلتها دبلوماسيتها من أجل إنجاحها، والرحلات المكوكية التي قام با وزير خارجيتها رمطان لعمامرة لأبرز العواصم العربية في سبيل حشد الدعم لهذه القمة، خصوصا وأن حكومة عبد المجيد تبون “تسعى لطرح نفسها على الساحة الإقليمية الراهنة كقوة عربية فاعلة في الإقليم، وامتلاكها دبلوماسية قادرة على المساهمة في التوصل لحلول لأزمات المنطقة”، حسب مصادر داخل الجامعة العربية.

الجزائر تريد قمة عربية ناجحة بحضور رؤساء دول وملوك وأمراء، وليس وزراء خارجية، ما دفع دبلوماسيتها للبحث عن دعم القاهرة والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لأجل إقناع الدول الخليجية بتمثيل رفيع في القمة، خصوصاً في ظل “التخوف الجزائري من أن يكون الحضور الخليجي من الدرجة الثانية، ما يعطي مشروعية لتقارير تتحدث عن عزلة الجزائر وضعف دبلوماسيتها بعد أن فقدت تأثيرها في دعم موقفها من قضية الصحراء التي حقق فيها المغرب مكاسب كثيرة في أوروبا والولايات والمتحدة وفي إفريقيا، بما في ذلك داخل دائرة حلفاء الجزائر التقليديين”.

مصادر أوضحت أنه “خلال مباحثات بين الجزائر والأمانة العامة للجامعة اتضحت الرغبة في عدم استضافة القمة بشكلها الراهن، وبوجود ملفات خلافية كثيرة وعميقة، وهو ما أدى إلى التوافق على تأجيل موعد انعقادها بشكل مبدئي، على أمل حل بعض الأزمات”، خصوصاً وأن الجولة العربية الأخيرة  لعمامرة، والتي شملت السعودية، والإمارات، ومصر، وقطر فشلت في ضمان مشاركة فاعلة في القمّة، وكانت بمثابة الاختبار الأخير من جانب الجزائر لإمكانية تجاوز الأزمات بشكل يسهم في عقد قمة تليق بها، وبالتالي فشلت في التوصل لتصور عام يضمن مشاركة فعالة من جانب القوى العربية الأبرز.

مصادر دبلوماسية أشارت إلى دور للمغرب في موضوع التأجيل، “خصوصاً في ظل العلاقات المتوترة بين الجزائر والرباط، وتقارب المغرب مع إسرائيل وتوقيع اتفاقات أمنية معها، وهو ما تراه الجزائر تهديدا لأمنها القومي، مضيفة أن “دول الخليج ككتلة داخل الجامعة العربية لن تُفشل المغرب في مواجهة الجزائر، بالنظر إلى تحالف بعض هذه الدول مع المغرب”.

ولفتت المصادر إلى أن “الأجواء العربية-العربية، الحالية لن تسمح للجامعة بدور مؤثر، وأن فشل بعض الأطراف العربية في التوصل لتهدئة دبلوماسية على الأقل بين المغرب والجزائر في ضوء تصاعد حدة التلاسن بين البلدين أخيراً، بشكل يضمن تمثيلاً مغربياً لائقاً، مثل عائقاً كبيراً أمام القمة”.

كما تمثلت أبرز الأزمات في فشل الجزائر، في التوصل لقرار بشأن وجود ممثل للنظام السوري يجلس على مقعد دمشق خلال القمة المرتقبة، بسبب تمسك السعودية برفض الخطوة في الوقت الراهن، وكذلك رفض الإدارة الأميركية للخطوة ذاتها، في ظل ممانعة قطرية للخطوة أيضاً.

ومن بين الملفات الخلافية أيضاً، شكل البيان الختامي والقضايا التي من المقرر أن يصدر موقف عربي موحد بشأنها، وكان من بينها التدخل الإيراني في بعض الدول العربية، حيث تمسكت فيه السعودية ببيان صارم في هذا الأمر، فيما أبدت الحكومة العراقية تحفظها خلال اتصالات مع المسؤولين في الجزائر بشأن مثل تلك الخطوة”.

كما أن تحفّظ مصر على الدور الجزائري بشأن المصالحة الفلسطينية، من بين النقاط الخلافية التي أدت إلى تأجيل القمة، فرغم محاولات التقارب الجزائرية -المصرية والمباحثات بين وزيري الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة والمصري سامح شكري، قبل أيام في القاهرة، فإن لدى القيادة في مصر تحفظات واضحة بشأن محاولات الجزائر سحب البساط من تحت أقدامها في ما يتعلق برعاية ملف “المصالحة الفلسطينية” الذي تعول عليه القاهرة كثيراً في تعزيز حضورها السياسي في المنطقة، وتخشى من أن انتقاله إلى الجزائر سوف يتسبب في خسارة كبيرة.

ورأت مصادر أن لقاء تبون نظيره الفلسطيني محمود عباس، في 6 دجنبر الماضي، أغضب القاهرة وأشعرها بأن ذلك سوف يضعف من قوتها وتأثيرها السياسي بالمنطقة، كما أن مبادرة تبون لدعوة الفصائل الفلسطينية لحوار وطني برعاية مباشرة منه، “لم تلق قبولاً لدى مصر فقط، بل إنها لم ترق لدول أخرى مثل السعودية”.

واعتبرت المصار أن “التوافق حول التأجيل في الوقت الراهن يعد مخرجاً جيداً، بإرجاء القمة على أمل حدوث تغيير مفاجئ في مواقف البعض، يسمح بعقد القمة في أجواء أكثر هدوءاً وتصالحاً”.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )