المساء اليوم - هيأة التحرير: المغرب اليوم بلا معارضة. بل ليس اليوم فقط، لقد اختفت المعارضة من المشهد السياسي المغربي منذ سنوات طويلة، وربما منذ أن دخل حزب الاتحاد الاشتراكي، الذي كان يمثل آخر قلاع المعارضة الحزبية، إلى حظيرة التناوب فانتهت المعارضة وأعلنت هزيمتها بالضربة القاضية. هذا شيء لم يكن يتوقعه أحد أيام كانت الأحزاب، أو بعضها على الأقل، تمارس دور المعارضة بافتخار وإحساس كبير بالشرف. اليوم صار الشرف هو الانضمام إلى الجوقة وقول "آمين" لكل شيء. كل الأحزاب صارت تبحث عن أي منصب وزاري مهما كان تافها، وقدر رأينا زعيم الاتحاد الاشتراكي، ادريس لشكر، كيف كان يتوسل أي منصب وزاري في حكومة أخنوش، كان الأمر شبيها بالاستجداء.. ومع ذلك لم يحصل على شيء. المعارضون الذين كانوا يضربون الأرض بأقدامهم مثل أسود شرسة صاروا قططا وديعة، والوجوه الكاريزمية في اليسار تفرق دمها بين المناصب، والشيوعيون السابقون الذين كانوا ينادون بالتغيير أصبحوا اليوم أكثر سلطوية من السلطة، يتنافسون حول من يكون الأكثر ولاء وقربا من مراكز القرار. المعارضة تحولت إلى ما يشبه صمت المقابر، ولا أحد يرفع أصبعه بالاحتجاج، والجميع أصبحوا مقتنعين أن عهد الرفض والصراخ ولّى إلى الأبد، وأن هذا الزمن يتطلب الكثير من الفهلوة لكي يصل كل واحد إلى مبتغاه، ومن أراد أن يعارض فليعارض بقلبه، وذلك أضعف الإيمان. في كل بلدان العالم تعتبر المعارضة جزءا أساسيا في جغرافية الحكم. فالمعارضة هي الجناح الثاني لطائرة تحلق في الهواء، والحكم هو الجناح الأول، وإذا ذهبت المعارضة فلا يمكن للطائرة أن تحلق. لكن المغرب بلد غريب فعلا ويمكن فيه للطائرة أن تحلق بجناح واحد. هل انتهت كل مشاكل المغرب واعتبرت المعارضة أن دورها قد انتهى ولا شيء يبرر وجودها؟. هذا شيء مضحك، لأن بلدانا على قدر كبير من الرفاهية والازدهار توجد فيها معارضة قوية، بينما ماتت عندنا بينما الأمية لا زالت تفتك بنسبة كبيرة من المغاربة، والملايين يعيشون تحت خط الفقر، وفق ما تقوله التقارير الدولية، واختلاس المال العام يعرف نشاطا متزايدا، والنساء الحوامل لا زلن يلدن في ردهات المستشفيات أو يمتن، والتفاوت الطبقي لا يزال رهيبا، والغش الضريبي مهول، والفساد الإداري تشيب له الرؤوس، والرشوة ترقص علنا بملابسها الفاضحة أمام الجميع، وأشياء أخرى كثيرة. لماذا، إذن، انتهت المعارضة في المغرب؟!