تقرير خطير: بلدان أوروبا تتعمد ترك المهاجرين يغرقون في عرض البحر

المساء اليوم – متابعات:

كشف موقع (The Middle East Eye) البريطاني في تقرير أن عمليات المراقبة الجوية التي تجريها دول أوروبية فوق البحر الأبيض المتوسط لا تهدف إلى إنقاذ المهاجرين غير النظاميين من خطر التعرض للغرق، بل تتركهم يواجهون مصيرهم.

وورد في التقرير، الذي أعدته الصحفية والمخرجة السينمائية كاثرين هيرست، أن المهاجرين الذين يعبرون البحر في قوارب من أفريقيا صوب أوروبا غالبا ما تتركهم قوات خفر السواحل الأوروبية والليبية يغرقون رغم معرفتها بأماكن وجودهم في عرض البحر.

وكانت سفينة (Ocean Viking) التابعة لمنظمة (SOS Mediterranee) غير الحكومية التي تقوم بأعمال الإغاثة والمساعدات الإنسانية- قد رصدت يوم 22 أبريل الماضي حطام زورق مطاطي غارق قبالة السواحل الليبية وعشرات الجثث طافية على سطح الماء وسط أجواء سيئة وطقس عاصف.

وقالت سفينة الإنقاذ (Ocean Viking) إنها توجهت إلى إحداثيات مكان الزورق فور تلقيها إشارة استغاثة من (Alarm Phone)، وهي هيئة تطوعية تدير “خطا ساخنا” لعمليات الإنقاذ في البحر المتوسط- بشأن مهاجرين يعانون من مصاعب، لكنها لم تعثر على أي ناجين من الحادث.

وذكر الموقع البريطاني -في تقريره- أن الجهود التي بذلتها هيئة آلارم فون والمحاولات اليائسة لركاب الزورق المنكوب تناقضت تناقضا صارخا مع استجابة السلطات التي “إما أنها لم ترفع سماعة الهاتف أو تجاهلت الاضطلاع بمسؤوليتها”. وبعد 7 ساعات من نداء الاستغاثة، شاهد ركاب الزورق طائرة تحلق فوقهم، كانت تلك طائرة مراقبة تابعة لوكالة “فرونتكس” (Frontex) الأوروبية لمراقبة الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، التي سرعان ما غادرت مكان الحادث لتبلغ مراكز الإنقاذ الوطنية في إيطاليا ومالطا وليبيا. كما أطلقت بدورها نداء استغاثة لتنبيه السفن القريبة.

وأبلغ متحدث باسم فرونتكس موقع “ميدل إيست آي” أن العديد من السفن التجارية التي تصادف وجودها بالمنطقة شرعت في التوجه إلى المكان لتقديم المساعدة. ونظرا لسوء الأحوال الجوية السيئة وحقيقة أن وقود الطائرة كان على وشك النفاد، اضطرت للعودة إلى قاعدتها في وقت متأخر من الليل.

ونقلت كاثرين هيرست في تقريرها عن دينا دادوسك -وهي متطوعة في آلارم فون- قولها إن المهاجرين غير النظاميين تُركوا ليموتوا ليس مرة أو مرتين بل 3 مرات بعد أن تخلى عنهم خفر السواحل الليبية، مضيفة أنه رغم أن الأفراد التابعين لوكالة فرونتكس لمراقبة الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي رصدت قاربهم فإنهم غادروا المكان بسبب سوء الأحوال الجوية.

وبربطها تلك الشواهد مع بعضها بعضا، استخلصت دادوسك نتيجة واحدة وهي أن ما جرى ما هو إلا نتاج “جهد منسق” بين تلك الأطراف. وتعتقد دادوسك وزميلتها في العمل بريتا رابي أن الواقعة التي حدثت أبريل الماضي لم تكن مأساة معزولة بقدر ما كانت “جزءا من نمط” سائد.

ووفقا لتقرير الموقع البريطاني، فإن الإبعاد المضطرد لمعدات الإنقاذ، بدءا من إيقاف الحكومة الإيطالية عملية الإنقاذ البحري المسماة “ماري نوستروم” التي استمرت من أكتوبر 2013 حتى أكتوبر 2014، وتحول وكالة فرونتكس لاستخدام المراقبة الجوية اعتبارا من أبريل 2019، كل ذلك أحدث فراغا في عمليات البحث والإنقاذ في وسط البحر الأبيض المتوسط.

وقد كان لذلك التحول تأثير ملموس على عمل دادوسك وبريتا رابي، إذ كل ما يمكنهما فعله هو البقاء بجوار خط الهاتف الساخن وربط نداءات الإغاثة بالجهات المختصة، مع علمهما أنها لن تجد آذانا صاغية. وبحسب المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، فقد ارتفعت معدلات الوفيات في عرض البحر الأبيض المتوسط من 1448 في عام 2020 إلى 2041 وفاة عام 2021.

ووفقا للمنظمة نفسها، فقد زادت أيضا العمليات غير الشرعية لصد المهاجرين التي يقوم بها خفر السواحل الليبية “وهو تجمع يضم مليشيات ومهربي بشر”. وقد تم اعتراض زهاء 31 ألفا و500 شخص عام 2021 مقابل 11 ألفا و900 شخص عام 2020. وتعتمد عمليات المراقبة الجوية الأوروبية إلى حد كبير على القطاع الخاص، وهي شبكة مؤلفة من شركات السلاح والتكنولوجيا تعاقدت معها وكالة فرونتكس، وتصفها كاثرين هيرست في تقريرها بأنها “غامضة ولا تخضع لضوابط”.

والعام الماضي، أسندت فرونتكس عقدا بقيمة 100 مليون يورو إلى شركات لتشغيل طائرات مسيرة لرصد المهاجرين غير النظاميين الذين يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط، من بينها شركة صناعات الطيران والفضاء الإسرائيلية المملوكة للدولة وشركة (Elbit Systems) وهي شركة عامة عالمية مقرها في إسرائيل.

وكشف التقرير عن أن الجيش الإسرائيلي ظل يستخدم تلك الطائرات المسيرة في اعتداءاته على قطاع غزة، “مما يعني أنه يمكن تطويرها من طائرات تراقب الحدود إلى أداة قتالية مجربة”. وأوضح التقرير أن الطائرات المسيرة التي تستخدمها شركة صناعات الطيران والفضاء الإسرائيلية يمكنها التحليق لمدة 24 ساعة وتغطي مساحة ألف ميل (1600 كلم) من ارتفاعات تصل إلى 35 ألف قدم.

أما طائرات شركة البيت سيستمز المسيرة، فإنها قادرة على العمل طوال 26 ساعة على ارتفاع يصل إلى 30 ألف قدم. وتعد تقنية المراقبة الجوية -طبقا للموقع البريطاني- أداة أخرى تستخدمها أطراف تابعة لدول للتهرب من التزاماتها القانونية تجاه إنقاذ الأشخاص المعرضين للخطر نظرا لأن القانون لا ينطبق على الطائرات المسيرة.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )