عبد الله الدامون الذين فوجئوا بعودة عبد الإله بنكيران إلى الأمانة العامة لحزب "العدالة والتنمية" لا يجب أن يعتبروا أنفسهم سياسيين، ولا حتى متتبعين جيدين للأحداث، ففي البداية والنهاية فإن "البيجيدي" عنده أب واحد وولي نعمة واحد وباطرون واحد.. هو عبد الإله بنكيران. كل أعضاء وقياديي حزب العدالة والتنمية يعرفون أنه عندما يكون بنكيران على رأس الحزب فتلك هي القاعدة، وعندما يكون بعيدا فذلك هو الاستثناء، سواء في الأيام العادية أو في الأيام الصعبة، وهذه الأيام يعيش الحزب واحدة من أصعب مراحل وجوده، وعندما يكون كائن ما مهددا في وجوده فإن يعود إلى البطن التي ولدته. بنكيران، ورغم كل ما يقال عن "إخوان الصفا"، إلا أنه يكره أي أحد يقترب من وليده، أي حزبه، ولم يكن مستعدا في الماضي للابتعاد النهائي عن الحزب، ولن يفعل ذلك في الأفق المنظور، لذلك فإنه سيعود مفعما بالسعادة لقيادة حزبه وسيمارس الهواية التي أحب ممارستها دائما، وهي إخراج الأرنب من القبعة. يعرف بنكيران أن الكثير من القادة "الكبار" في البيجيدي لم يعودوا يحبونه، لكنه صار، في نظرهم، شرا لا بد منه، لذلك وضعوا بين يديه حزبا مدمرا ومثخنا بجراح اقتراع 8 شتنبر، وكأنهم يقولون في قرارة أنفسهم "خذه فهو لك.. إن رممته فهو لك.. وإن مات بين يديك فهو لك". وبنكيران، بدوره يعرف جيدا كيف يفكر الإخوان، فهم في البداية والنهاية لا يملكون بديلا، والانسحاب من الحزب بقي محدودا، رغم زلزال شتنبر، ثم أنه يدرك أن لا أحد من مناوئيه داخل الحزب له الجرأة لكي يقود هذه المرحلة الكارثية من حياة حزب ذاب تحت شمس انتخابات شتنبر كما تذوب قطعة ثلج تحت صهد النهار. كان إخوان بنكيران، أو بعضهم على الأقل، يتمنون أن يضعوا الحزب بين يدي "الزعيم" لسنة واحدة لا أكثر، حتى لا يطيل المكوث بينهم ويعود إلى الصالون الذي انتهى أخيرا من تأثيثه، لكن الرجل لا يريد ترميم الحزب فقط، بل يريد استعادة ممتلكاته، والحزب في ملكية بنكيران، منذ أن حوله من "الجماعة الإسلامية" إلى "العدالة والتنمية"، مرورا بكثير من المحطات التي تحمل فيها بنكيران الكثير، بدءا بـ"التعلاق" في المخفر، ومرورا بتحمل تهم "المخبر".. وانتهاء بتولي مهمة كبير الخدم. منذ الساعات الأولى لتولي بنكيران مهمة الأمانة العامة في مؤتمر السبت، قال إنه لن يغلق الباب أمام أي من أعضاء الحزب لتدبير المرحلة المقبلة، ودعا الجميع إلى الاستعداد للبناء بنية حسنة، وافتخر بأن الحزب بقي موحدا رغم كل ما جرى، ووعد باستعادة المنسحبين. ورغم كل هذه الوعود الخرافية فإن بنكيران قال إنه لا يعتبر نفسه بطلا، أو ميسي، بل مجرد لاعب عادي يبذل جهده في ملعب السياسة، وهو ملعب يدرك خباياه جيدا، فقد قضى فيه الكثير من الوقت وفهم أن اللاعب الجيد، ليس فقط الذي يسجل في مرمى الخصم، بل أيضا الذي يسجل الكثير من الأهداف في مرمى فريقه. damounus@yahoo.com